19.12.11

لماذا نريد من بناتنا الملتزمات أن يكنّ بارزات في المجتمع ؟



المرأة هي نصف المجتمع الآخر والتي بدونها لن نرى استمرارية الحياة على وجه هذا الكوكب ، إنها المرأة التي تتحمّل ما لا يتحمّله الرجال ، إنها المرأة التي تحمل في بطنها الذكر والأنثى لمدة تسعة أشهر ، إنها المرأة التي ترى الموت بعينيها حين الولادة ، إنها المرأة التي تُعطي عمرها كله لطفلها ، ولهذا فإنّ الإسلام أعلى شأن المرأة وكرّمها بعد أن كانت مظلومة ومحتقرة أيام الجاهلية ، ولكن السؤال الذي يُطرح هنا : هل المسلمين اليوم يكرمونها ؟

قبل الدخول إلى الموضوع أود أن أُشير إلى أنّ كلمة مجتمع تحوي بداخلها جميع الأفراد الذين يعيشون في نفس المكان سواء كانوا ذكورا أم إناثا ، بالإضافة إلى ذلك فإنّ هذه المقالة لا تشكّل فتوى تحليل أو تحريم وإنما نطمح أن تصل معانيها إلى رجال الإفتاء لكي يأخذوا هذه الأفكار بعين الإعتبار قبل إصدار الفتوى ، فهي نظرة نفسية تسعى للإجابة على السؤال : لماذا نريد من بناتنا الملتزمات أن يكنّ بارزات في المجتمع ؟

وإني لأرى أنّ من إكرام المرأة هو بروزها على صعيد المجتمع كله ، وعندما أتكلّم عن بروز المرأة في المجتمع أقصد دخولها في كل المجالات ( مثل : الوقوف أمام الجماهير ، الإشتراك بالفعاليات الإجتماعية والسياسية المتنوّعة ، الظهور على شاشات التلفاز وغيرها ) التي تستطيع الإنخراط فيها والتي تتلائم مع بنيتها الخاصة مع الأخذ بعين الإعتبار جميع المحاذير الشرعية . تجدر الإشارة إلى أني هنا أتكلّم عن الفتاة الملتزمة ، والفتاة الملتزمة التي أقصدها هي التي تلبس الزي الإسلامي الكامل (الجلباب والحجاب) ، ولهذا الإدعاء الذي أعرضه عدة أسباب من منظور نفسي ، منها :

أ. أولا ، كلنا يعلم مدى تأثير الإعلام على أبنائنا وبناتنا وإذا نظرنا إلى الأغلبية المسيطرة على الشاشات فهنّ نساء لا يقربن بشي إلى المنظر الإسلامي المرجو للمرأة ، ولهذا عندما ترى الشابة هذه النماذج فإنها تتخذها نموذجا للتقليد وما أسوئه من نموذج ! عندها تحاول الشابة أن تقلّد تسريحة الشعر الفاتنة ولهذا فهي لا تفكّر أصلا بالحجاب وتقلّد المكياج والملابس ، والشاشات تمرر إلينا رسالة أنّ هذا هو الشكل الحضاري المطلوب من الفتاة الشابة . حتى أنّ هذا التأثير لا يقتصر على الأبناء المراهقين وإنما يتعداه إلى الأهل وإلى المجتمع بأسره ليصير هذا هو النموذج المطلوب . وهذا التقليد الأعمى يعود إلى جهلنا فقد تعوّدنا على أخذ الأمور كأنّها مفهومة ضمنا إن كان في أمور الدين أو في أمور الحياة دون التفكير والدخول إلى علم المنطق ، ولهذا صار من ثقافتنا التقليد والإستهلاك وفقدنا قدرة بناء النموذج والإنتاج . أما الشاب فإنّه يرى الفتاة المتبرّجة ويصير الوضع الطبيعي عنده أن تكون زوجته كعارضات الأزياء وينسى النموذج الإسلامي لأنه مفقود في الشاشات . علم النفس الحديث يتحدّث عن الإيحاء ( priming) وهو يعني أن ترى شيئا أو تسمعه بصورة واعية أو غير واعية فيؤثّر عليك بدون علمك ، وهناك مصطلح بناء النموذج (scheme) فعندما يرى الإنسان منذ ولادته هذه النماذج المتبّرجة ، يتكوّن نموذج في عقله أنّ هذا هو الصواب وهذا هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون ولذا لا يخطر إلى أغلب الناس أنهم على ضلال لأنّ الإيحاءات حولهم تُشجّعهم على البقاء عليه. هذه المشاكل كلها نابعة من غياب النموذج الإسلامي عن الشاشات وعن الأنظار ولهذا فإنّها نُسيت وقلّ تأثيرها على الناس ، وهذا أمر طبيعي لأنّ أي أمر تعطّله وتمنع بروزه فإنّ تأثيره يقلّ كما لو أننا تركنا القرآن فإنّ تأثيره علينا يقلّ كذلك . لذلك الحل يكمن بإعادة المرأة الملتزمة إلى الأضواء وتسليط الأنظار عليها لتصير نموذجا رائدا لكل مجتمعنا ، وكذلك علينا أن نطوّر لدى أبنائنا منذ الصغر قدرات التفكير والبحث عن كل شيء في هذه الحياة والإستفسار وذلك من أجل تطوير نظرة نقدية على الأمور التي تبدو لنا من المسلّمات . تجدر الإشارة إلى أن كلمة شاشات وردت في هذه الفقرة بمعنى الساحة الإجتماعية الواسعة وليست حصرا على شاشات التلفاز.

ب. ثانيا ، إذا نظرنا إلى الحفلات الإسلامية فإننا نرى أنّ دور المرأة الملتزمة يكاد يكون معدوما ، رغم أنها تكون حاضرة وجالسة تشاهد الإبداع الذكوري . هذه السيطرة الذكورية لها أبعاد كثيرة وخطيرة وهي التي تؤدّي إلى الخروج على النظام القائم من خلال الحركات النسائية (feminism). كما أنّ الضغط الزائد يولّد إنفجارا في أغلب الحالات وربما يُحدث تحوّلا من حالة التديّن إلى حالة الإنحلال بسبب التشديد الزائد وتحريم ما أحلّ الله ، ذلك أنّ النفس البشرية تسئم هذا التضييق وتملّ من العيش في إطار ضيّق وتُصبح تبحث عن منافذ للخروج من هذه الورطة. لذا علينا أن نعيَ خطورة نبذ المرأة إلى الوراء في الأمور التي تستحقّ فيها أن تكون في المقدّمة والأمام ولنذكر أنّ ديننا هو دين اليُسر والرحمة ، وليس دين الإثقال والتهميش.

ت. ثالثا ، عندما تفتح المجال لهؤلاء الأخوات الصالحات بالظهور والبروز بقوة على الساحة الإجتماعية فإنّ ذلك يمنحهن شعور بأنّ لهنّ أهمية وتأثير ، مما سيجذب هؤلاء الفتيات للإستمرار بالعطاء لأنهنّ وجدن الإكتفاء الذاتي . النفس البشرية تحتاج إلى تشجيع من فترة لأخرى وهذا الظهور وقوة التأثير المصاحبة له يُعطيان التشجيع المطلوب للإستمرار بوتيرة متصاعدة في العمل. لكن عندما نمنع العنصر النسائي من الإشتراك بكل تفاصيل الفعالية الإجتماعية فإننا ندخل في دوّامة يصعب الخروج منها لأنهن سيشعرن عندها بإنتماء أقل للعمل وعندها سيبقين في الوراء ولذا لن يُطالبن بالظهور والبروز . وهنا نصل إلى أن مجتمعنا الإسلامي ألِف الذكورية المسيطرة حتى صار التجديد هو صعود أخت ملتزمة إلى منصة الإحتفال أو إلقاء خطاب سياسي وغيره ، في حين أنّ الوضع الطبيعي أن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى .

ث. رابعا ، يجب أن نأخذ بعين الإعتبار الوضع القائم عندما نحلّل أو نحرّم ولهذا فإنّ القرآن صالح لكل زمان ومكان والفهم الإنساني يتغيّر بناءا على المستجدات والتطوّرات اللحظية ، مما يعني أنّه واجب على الدراسات الدينية أن تكون متابعة لآخر التطوّرات على الساحة الواقعية . إذا نظرنا إلى الواقع فإننا نرى إنشغال الكثيرين بتوافه لا تقدّم الأمة بشيء وخاصة جيل الشباب ، وهذا لربما ينبع من تقصير الإسلاميين ، إذ أنهم لا يُتيحون الفرصة أمام كنوز الطاقات الشبابية العملاقة للظهور والبروز في الساحة الإجتماعية الجلية ، ولهذا فإنّ هذه الطاقات التي من المحتوم إخراجها فإننا نجدها موظّفة في الأمور الخفية التي لا تُرضي الله سبحانه وتعالى . هؤلاء الشباب لم يجدوا من يُشعرهم بقيمتهم في المجتمع ، ولم يجدوا إهتماما بمواهبهم المفيدة لصالح الأمة ، ولهذا طوّروا مواهبا من شأنها أن تودي إلى الدمار . أنا أقول أنّ توظيف تلك الطاقات الشبابية المحتوم خروجها وإن كانت غير إسلامية بشكل كامل هو ضروري ، لأنّ الأمر يبقى أهون من توظيفها في الحرام . علينا أن نشدّ فئة الشباب إلى الساحة الإجتماعية الجلية وبذلك فإننا نُبعدهم عن الإنحدار إلى تحقيق الذات من خلال الصاحبة ومن خلال التدخين والمخدّرات وارتكاب كل حرام .

ج. إنّ الظهور والبروز في الساحة الإجتماعية يحمل إسقاطات إيجابية جمّة على شخصية الإنسان فهو يُساعد على الإنخراط في المجتمع والشعور بالإنتماء له قبل كل شيء وهو كذلك يُقوّي الجانب الإجتماعي في حياة الإنسان ، بالإضافة إلى أنّه يُساهم في تقوية الشخصية ومنع الخجل المنبوذ مع الحفاظ على الحياء المطلوب . هذا التفعيل الإجتماعي من شأنه أن يبلور الشخصية الإسلامية الفطنة الواعية ومن شأنه أن يصقل تلك الشخصية القادرة على مواجهة كل المُعضلات في الحياة اليومية وأهمها اللقاء مع الآخر ، وبهذا فإننا ننتج شخصية إسلامية حية تدبّ على الأرض وقرآنا يمشي بين الناس أما إن بقي كل هذا الخير خلف الكواليس فمن سيصله خبره ؟!

ح. عندما نمنع العنصر النسائي من الظهور والبروز على الساحة الإجتماعية فإننا نُعطّل قوة بشرية هائلة ونُلغي نصف المجتمع الآخر ، ولذا فإنّ كل المهام تبقى على عاتق الذكور ، وبذلك فإننا نساهم في ترسيخ الفكرة السائدة (stereotype) بأنّ المرأة غير قادرة في حين أنّ الذكر قادر على فعل المستحيل رغم أنّ صفة الرجولة لا تقتصر على النساء كما هو معروف . نحن لا ننكر أنّ المرأة تختلف ببنيتها عن الذكر ولكن هذا لا يُعطي شرعية بمنع المرأة من المساهمة في الساحة الإجتماعية ، فالعنصرين يكمّل أحدهما الآخر ، ومن غير المنطقي أن يتكّأ المجتمع على رِجل واحد وينسى رجله الأخرى .

خ. لقد أثبت العلم الحديث أنّ مبنى عقل المرأة يختلف عن الرجل ولهذا فإنّ طريقة التفكير تختلف ، من هنا فإنّه من الإنصاف عرض جميع المحتويات الفكرية المختلفة على صعيد الساحة الإجتماعية ، وهذا من شأنه أن يُساهم في التنويع وإضفاء نظرة نسائية في المجتمع .

د. إنّ من العجب كل العجب أن يقوم كثير من الإسلاميين بتثبيط العزائم وكسر الخاطر وإبطال الهمة عندما تريد إحدى الأخوات أن تقدّم شيئا في سبيل الله ولمصلحة الأمة ، فمن نحن حتى نمنع إماء الله من نصر دين الله ؟! ومن نحن حتى نقف سدّا منيعا في وجه الخير المتدفّق ؟! ومن نحن حتى نحرم المسلمين من هذا الخير الوفير ؟! يقولون لك : تستطيع هذه الأخت أن تقدّم نفس الشيء في إطار نسائي مُغلق ! ما هذا ؟! ألم نتفق على أنّ المجتمع الإنساني يحوي الذكور والإناث ؟! إنّ هذا الذي يدعون إليه لهو تفعيل للمرأة بين النساء وليس في المجتمع وبذلك فهي تُحرم من الساحة الإجتماعية الواسعة وتنحصر بإطار نسائي مُغلق . ثم عن أي إطار مُغلق يتحدّثون ؟! في عصر إنتشار المعرفة والتكنولوجيا لا يوجد هناك شيء مُغلق إلا بعض العقول المتحجّرة ، إذ أنه في غياب أعين الرجال فإنّ أعين الكاميرات لا تغيب .

ذ. عندما يكون هناك تمثيل للأخوات الملتزمات في المجتمع فإنّ الجمهور النسائي يشعر أنّ له حصة في الموضوع وأنّ الرأي النسوي مأخوذ به ، ولذا فإنّ الصلة بين الجمهور المتلقّي والنشطين إجتماعيا تكون أقوى ، لأنّ هذا العمل الذي يحتوي الجميع يحوي الذكر والأنثى ومن هنا فهو يمثّل المجتمع بصورة أنجع .

ر. ظهور الأخوات الملتزمات في الساحة الإجتماعية هي عملية حيوية في تنمية المجتمع الإسلامي ، إذ أنّ هذا الظهور يُخرجهنّ من الإختباء والبقاء وراء الكواليس ولهذا الخروج منافع عدة . لكن ، يأتي أحد المشدّدين فيقول لك : صحيح أنّ هذه الأخت ملتزمة وما شاء الله عليها ولكن وجهها يسحر مع أنها لا تضع المكياج ، ولذا لا أفضّل أن أرى أخوات أمامي ! ما هذا الجهل ؟! أولا ، إنّ ظهور الأخوات هو غرض حيوي لأنّه يُقلّل من ظاهرة العنوسة وبالتالي يُساهم في تنمية مؤسسة الزواج والطُهر والعفاف ، فهل حرام أن يرى شاب فتاة أمامه فيُعجب بها وينوي خطبتها على سنة الله ورسوله ؟! وهل سيدري بها أصلا إن بقيت مختبئة في حضن أمها ؟! ثانيا ، عندما نؤمن بشيء ما فإنّه حتما سيطغى على شعورنا ولذا عندما نؤمن أنّ وجه المرأة سيفتن فهو حقا سيفتن ، وعندما نؤمن أنّ جلبابها سيفتن فهو عندها سيفتن ولذا يجب أن نحذر من الحكم وفقا للشعور والإحساس . ثالثا ، لا يجب أن نحلّ مشكلة على حساب مشكلة أخرى ، فإن كان هناك مريضي أنفس من الرجال ممن يرون بالأخت الطاهرة غاية جنسية وحسب ، فإنّ هذا يعود إلى مشكلة في التربية أو لربما إلى مشكلة مولودة أو لربما لكلاهما معا ، ولذا لا يجب أن يكون الحل هو منع الأخوات من الظهور أمام الرجال وانتهت الإشكالية وإنما يجب الإتجاه إلى جذر المشكلة ألا وهي التربية .

ز. النقطة الأخيرة والتي لا تقلّ أهمية عن سابقاتها هي أنّ الظهور النسائي في الساحة الإجتماعية يؤكّد فعّالية الأخوات الملتزمات وجرئتهنّ في الدعوة إلى الحق وقدرتهنّ على الوقوف أمام الجماهير من أجل نشر الخير ونشر دين الله سبحانه وتعالى ، وهذا كلّه عكس الأفكار السائدة بأنّ الأخوات الملتزمات يجب أن يكنّ صامتات ومتنازلات ولربما خاملات وذلك من أجل إفساح المجال للذكور . حتى أنّ البعض يستغرب عندما تبدأ إحدى الأخوات الملتزمات بالنقاش والوعظ أمام الرجال ، وأنا شخصيا لا أجد مبرّرا للإستغراب سوى أننا ما زلنا بعيدين عن فهم الإسلام .

والحمد لله رب العالمين ...

30.11.11

إسلام لايت أم رهبانية مبتدعة ؟!



في ليلة من ليالي آخر الربيع حدث أمر جَلَل وخطب أثار حماسي وحرّك الدمّ في عروقي حتى نسيت جسدي لوهلة ورحت أبحث عن روحي في متاهات المستقبل ، تركت كلي وذهبت لأبحث عن أجزائي التي تناثرت هنا وهناك ، نظرة يمنة فلم أر إلا حائطا أبيضا عُلّعقت عليه بعض الرسومات الفنيّة ونظرة يسرة فلم أجد إلا سريري ينتظرني لنتبادل دفء الحرارة فيما بيننا ، لكنّي بقيت أغلي وكأنّ من تحتي موقد نار أو كأنّ الشمس خدعت الليل وجائت على غير ذي موعد فكانت فوق رأسي قاب قوسين أو أدنى . دقّات القلب تُنذر بوحش قريب أو كارثة تقترب أو طارئ يستدعي النهوض ولكنّي ما زلت مكاني ، العين أعلنت تضامنها مع طبقات الجلد لتنهمر مني الأمطار بغزارة فتُسقي الأرض العطشى ولكنّي ما زلت مكاني ، الأذن صارت تلتقط أمواجا صوتية غير مألوفة والعين صارت تصوّر أفكاري ونسيت ما تراه آنذاك ولكنّي ما زلت مكاني . لكن ليس هذا الوصف غريب ! إنما الغريب أن ترى الناس من حولك ضاحكون أو سامدون أو نائمون أو لربما يقبّلون أو يتمايلون أو يُضاجعون في هذه اللحظة الحاسمة بالذات ! ولكن أين عقلي ؟! لا بل أين صوابي ؟! هل نسيت أم تناسيت أننا في زمان الغرباء ؟! عفوا يا عالم الأنس فكما يبدو أنني أنا الغريب هنا ولربما خُلقت لزمان غير زماني ولربما لم أستطع التأقلم بوتيرة عصر السرعة ! نعم يا شيطاني ولكنّ الأمر جلل فهل يُعقل أن ينخسف القمر دون أن ينخسف حالي ثم إنّ هذا هو غاية الإنسجام مع طبيعة الكون ؟! خسوف القمر أفزعني وأقلقني وصرت عندها أضرب أخماسا بأسداس ولكنّه لم يفزعني عبثا ، إذ أنّنا لا نعرف للعبثية طريقا ولكنّه أفزعني إلى الصلاة ! القمر آراه ينخسف أمام عينيّ وأنا ما زلت مكاني تائهٌ بين صلاة العشاء وصلاة الخسوف ، إلا أنّ الهاتف لا ينتظر كثيرا فيفزع مع فزعي لأنه يخاف لربما عليّ أو لربما هو يحمل فزع آخرين . يكلّمني أحد الشباب الفازع كما يبدو ويُغذّيني بفزع آخر ويدعوني لنصليَ صلاة الخسوف في الخارج !
أنا : ولكنّي لم أصلِ فريضة العشاء بعد ؟!
الشاب الفازع : لا حرج أخي في الله ، أهم شيء في هذه اللحظة هو صلاة الخسوف ، صلاة العشاء لها متّسع من الوقت !
أنا : ولكنّي أخاف من ويلِ المصلين ؟!
الشاب الفازع : لا تخفْ ! أنا أُفتيك . هيا بنا نسرع ، الوقت يداهمنا !
يبدو أنّ الفتوى صارت مهنة يحترفها القاصي والداني ، الجاهل والعالم ، الصغير والكبير ، كيف لا ونحن في عصر الثورة المعرفية والثقافية ؟! لم أُطل النظر في القضية مع أني أكره الطاعة العمياء ، إذ أنّ رجلاي سبقتاني إلى موقع الحدث فرأيت الشباب الذين أقصدهم من بين كثير ، حيّيتهم وبادلت بعضهم أطراف حديث مختصر ولكنّ الجوّ كان باردا جدا ! ولبُعد نظر شعرت أني لن أصمد بلباسي هذا في مثل هذا الجو البارد مع أني كنت دافئا من فزعي في حينها ! رجعت ويا ليتني بقيت راجعا وعُدت ويا ليتني بقيت عائدا إلى وطني ولكنّ فزعي لم يسمح لي بالنكوص أو أن أوّلي دُبُري ، فلبست ما لبست ونزلت مرة أخرى لنصلي ولكن لسوء حظّي أو لإنعدام حسن التخطيط وجدتهم قد بدأوا يناجون ربهم والمصيبة الكبرى أني لا أعرف كيف هي صلاة الخسوف ! قلت أنها ستكون صلاة عادية مثل باقي الصلوات ولهذا بحثت عن مكان مستو في أرض الحصى ، ثمّ كبّرت ربي ورحت أحاول الخشوع وأنا منصت لقراءة الإمام . ولكنّ الخشوع الذي تولّد في الدقائق الأولى أخذ ينطفئ وحرارة الإيمان بدأت تبرد والفزع الذي حوته نفسي صار يتطاير رغم أن القمر ما زال ينخسف ، فما الخطب ؟! نعم إنه الريح العاصف بعثر فزعي وذاك البرد القارس خفّض حرارة إيماني وأرض الحصى المائلة أطفئت خشوعي وصرت أفكّر لماذا تركنا الدنيا كلها وجئنا إلى هذا المكان اللعين ؟! هل الصلاة هنا وفقط هنا تجوز وفي أماكن أكثر راحة واطمئنانا هي خالية من الإخلاص ؟! ألم يسخّر الله لنا الأرض كل الأرض مسجدا ومصلّى ؟! لماذا نضيّق على أنفسنا ونهلكها وكأننا نريد أن نُعلن أننا قادرون يا رب على كل شيء ؟! أليس هو الله وحده هو القادر على كل شيء ؟!
ويستمر الإمام يقرأ وتطول قرائته وكأنّه استمخّ لهذه الأجواء الحيوانية ، والبرد قارس والريح عاصف والحصى جارح وعندي غدا امتحان في جامعتي ! ويركع الإمام بعد طول أمل ويطول ركوعه وأحتار ماذا أقول فقد تجاوزت الألف تسبيحة والإمام راكع والبرد قارس والريح عاصف والحصى جارح وعندي غدا امتحان في جامعتي ! ويعود الإمام ليقرأ وتطول قراءته وتملّ نفسي وأفكّر بالخروج من الصلاة إلا أنني أقول أننا سننهي بعد قليل وأن الله مع الصابرين وإنّ مع العسر يسرا ، والإمام ما زال يقرأ وهو منتصب القامة والبرد قارس والريح عاصف والحصى جارح وعندي غدا امتحان في جامعتي ! ويركع الإمام ركوعه الثاني ويطول كسابقه وتتشنجّ عضلات جسدي كلها وتُعلن أعضاء الجسم كلها الفلاس وأحتار ماذا أقول فأبدأ أستغفر وأسبّح وأدعو الله أن يعجّل فرجنا ، والإمام ما زال راكع والبرد قارس والريح عاصف والحصى جارح وعندي غدا امتحان في جامعتي ! وأستمر أكافح حتى النهاية ونسلّم بالكاد والكل يتضجّر سرّا والكل يصبح حمام مكة عند ساعة النقد والكل يصير كاظم غيظه ! فما هذه الرهبانية المبتدعة ؟! وهل نترك المساطب النظيفة والسجّاد الراقي والغرف الدافئة لنثقل على أنفسنا ونلقي بأيدينا إلى التهلكة ؟! ربما هي ليست تهلكة هنا ولكن ما هذا المنطق الأعوج ؟! وما هذا الفكر المشوّش ؟! هل نترك حضارتنا الإنسانية واختراعاتنا الحديثة من أجل التقشّف ؟! أم أننا نطمح بذلك إلى زيادة في الحسنات رغم التنطّع في الدين ؟! أم يطمح هؤلاء إلى تطبيق النهج النبوي كما كان في العصر الجاهلي ؟! ما هذا السخف وما هذا البعد عن الجوهر ؟! أليس حريا بنا أن نخرج من هذا التفكير السطحي لنطبّق سنة النبي كما هي ولكن مع دمج التطورّات العصرية ؟! أهم يزعمون أنهم يحبون رسول الله ؟! فإننا أيضا نحبه ونريد أن نطبّق نهج الإسلام ولكنّ ديننا لا يمنعنا من التسلّح بالجديد المعاصر ! أم هو إسلامنا إسلام لايت ؟! أم نحن نُميّع الدين عندما ندعو إلى الإستعانة بالإختراعات الإنسانية التي سخّرها الله لفائدتنا ؟! أم هو التخطيط الإسلامي ناقص ويحتاج إلى نظر ؟!
التخطيط الإسلامي هو نتيجة لعملية تفكيرية يُجمع عليها بعض الحاضرين عند الترتيب لأي عمل ، ولذا فإن كان هناك خلل في التخطيط فإنه يوحي إلى خلل بالمصدر وهو ما نقصده في هذه المقالة القصيرة ألا وهو الفكر الإسلامي .

29.8.11

نونية رمضان



وداعا رمضان إذا ما رحلت عنا ... ودموعا وأحزانا إذا ما هلالك غاب عنا
جئتنا تسابق الرياح فسَعِدت أيامنا ... وليالينا طابت والناس من حبك أرونا
هلا تمهلّت قليلا إن كنت ذاهبا ... فنسائمك رحمة وقلبك مغفرة وليتنا من المعتقينا
إني سمعتك ناديتنا أين الطائعينا ... فهنيئا لمن أجاب الدعوة وصام يقينا
وإني نظرتك فرأيتك مبتسما لمن صام وقام ... ومتوعّدا لمن كان عن أمرك من المتخلّفينا
فطوبا لمن قام الليالي مؤمنا محتسبا ... وويل لمن غفل عن وعظك وكان من المجاهرينا
يا من أنت خير الشهور كلهم ... لا تغب عني دهرا فلقياك غاية المحبينا
فيك تحلو الحياة والحياة لحظة وثواني ... وليلة القدر هي ثقيلة في ميزان الزمان
وقلبك يفاخر بنصر عظيم يوم بدر ... وعشرك الأواخر ختام كل خير وكنز للمحسنينا
لعمرك إنك لشهر الخيرات والبركات ... وغيابك يبشّر بفرحة العيد والجائزة للصائمينا

18.8.11

قصيدة بعنوان اسمي محمد وينادونني حمادة


اسمي محمد وينادونني حمادة *** وجدّي مصطفى يحب الريادة
وأبي عبد للكريم ولشغل العيادة *** وأمي تنادي بالتحرّر والقيادة
وأخي البكر يريد تحرير الوطن *** من كل سفيه ومن ليس له سيادة
وأختي مصونةٌ لا تستوقفها الدنايا *** وتأخذ زينتها عند كل مرآة كالعبادة
قابعة بين جدران أربعة تنتظر الفرج *** ومن يأخذها إلى بيت الزوجية والسعادة
لكنّ بنت الجيران تتبختر في مشيتها *** وتسأل الشباب حبّها وهجران الحدادة
وتغمز لهذا وذاك وتتحدّى الحياء *** وتقول ليست ليلى أحسن مني ولا ودادَ
ها هو أبي ذا يتصفّد جبينُهُ العرقَ *** وأنا جالس أكتب لحبيبتي عن المراد
وألحّن رومنسيات أوجعَت قلبي *** وأقول لها لولاك ما نطقت بالشهادة
ويدخل أبي على غفلة فأغلق المحادثة *** وأسئله فلاحة الأرض ونبذ الوسادة
أخرج من البيت إلى مقهى الهداية *** فيناديني أحدهم يا ولد أين مسجد الصلادة
يصدمني سؤاله وأتعذّر عن الوصاية *** وتخذلني نفسي فتبدأ تبحث عن القلادة
أدخل المسجد القريب على أمل الإنابة *** ولكنّ شيخا كبيرا يرقبني بعجب وبلادة
وينهال بمرّ الكلام على صغيرين تضحّكا *** ولا ينتظر سماع رد منهما أو إفادة
وأرجع إلى البيت فأعلن دولة التطرّف *** وآخذ التلفاز والحاسوب إلى الإبادة
ويعبس وجهي وأتّخذ لي صومعة *** وأصير مثلا يُضرب للغلظة والعنادة
فهل يا ترى محمد خير البشر *** ترك الدنيا أم الآخرة للإشادة
وهل هو إلا رحمة للعالمين *** وهيهات نادوه مرة حمادة

10.6.11

لأواء وأمل



مع إنفجار كل صباح تتجد الحكاية نفسها وتتماثل مع ما قبلها دون تعديل أو تغيير , وكأنها أضحت جزءا من الثوابت الكونية كشروق الشمس أو غروبها . والغريب أننا في عصر يقال له عصر السرعة إلا أنه لم يصل بعد إلى عالمنا العربي والإسلامي , أو أنه وصل بغير جد وجهد منا , فنحن ساكنون نائمون في أوج النهار والعالم يسهر الليالي للتقدم والتحضر والبقاء في أعالي الجبال . إن من طبيعة النفس الإنسانية أن تملّ من الجمود والسكون و"الروتين" الثابت , لذا فإننا نلاحظ ثورة لا مثيل لها في كل مرة يتم فيها وخزنا أو التعرض لنا بسوء , وكثير منا يظن حينها أن الأمور بدأت تتقلّب والأمواج المرتقبة بدأت ترتفع والصحراء المقفرة بدأت تزهر , ولكن نظرة في الواقع تحرمنا من أحلامنا الوردية هذه وتقذف بنظراتنا إلى واقع بئيس لا يعلم حاله إلا الله , فسرعان ما تسكن الرياح وتعود المياه إلى مجاريها فتصب في البحار خبر هواننا على الناس وضعفنا وقلة حيلتنا . إن حقيقة كوننا مسلمين فلسطينيين يضعفنا مرتين عن غيرنا , إذ أن المركب الأول من هويتنا (الإسلام) مضطهد في كل العالم لأنهم يخشون من إنتشاره وتزايد قوته , وهم يعلمون أن في هذا الدين عظمة وقوة تهدد علمانيتهم تماما كما خاف كبراء قريش على تجارتهم , فلم يسلم المسلمون من عداون جبهات كثيرة ابتداءا بمحاولات إعتداء على رموز هذا الدين وأسسه , آخرها محاولة حرق المصحف الشريف وقبلها الإعتداء على الرسول الأكرم بالرسوم المسيئة وحرمان المسلمات المحجبات المنقبات من حرية الدين والتعبير عن الرأي بحجج واهية والإعتداء على أم المؤمنين من قبل الشيعة وإساءة الصحف وإغلاق قنوات إسلامية , وكأن البطولة أصبحت أنه من أراد الشهرة من أسهل الطرق فليتجرأ على الإسلام والمسلمين . أما حقيقة كوننا فلسطينيين فهي تجعلنا ضعافا بحكم كوننا أقلية محكومة , فنحن في لأواء مشهودة وفي هذا تصديق لقول رسولنا الكريم من قبل أكثر من أربعة عشر قرنا في الحديث الشريف : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء فهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك" قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: " ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" . كم نحلم أن نستيقظ يوما لنرى مملكة الإسلام قائمة والقرآن العظيم وسنة المختار هما الدستور الأعلى ! كم نشتاق لأن نكون في الصدارة كما كنا في الأندلس فنملك التقدم العلمي والحضاري وننتقل بذلك من التبعية إلى منزلة القيادة ! كم نطمح أن نصنع بأيدينا الطائرة والحاسوب والمركبة الفضائية ! كم نتأمل أن نرى لغة العالم هي لغة العرب وكم نتأمل أن نملك عملة إسلامية وعلم يمثل أمة الإسلام بأسرها ! إذا نظرنا في الحديث الشريف أعلاه فإننا نرى تجسيدا للواقع الذي نحياه وإن كان شطر الحديث الأول قد صار حقيقة فإن شطره الثاني حتما قادم , والنصر وعد ولكننا نستعجل من شدة ألمنا وإنّ مع العسر يسرا . لا بد لكل فرد منا أن يحمل همّ أمته فيرى في نفسه المخلّص والقائد القادم لا لمنصب دنيوي , وإنما من منطلق صون الأمانة وبذل الغالي والرخيص من أجل النهوض من سنوات الظلام . مفاتيح النجاح نعلمها جميعا ولكنّ مشكلتنا أن التطبيق العملي بعيد كل البعد عن نظرياتنا وأفكارنا التي نؤمن بها ونعلم مدى صحتها وصدقها . أهم مفاتيح من هذه هي ضرورة عودة المسلمين إلى دينهم نظريا وعمليا فلا فصل بين الدين والدولة كما هو الحال في الفلسفة الغربية المادية , فمسلمي الهوية كثر وهم كغثاء السيل ولكن من أسلم وحَسُنَ إسلامه هم قليل , والحقيقة أننا نشهد صحوة إسلامية مباركة والدليل على ذلك هو أنه في مواسم الخيرات كشهر رمضان وموسم الحج وصلاة الجمعة نرى تدفقا واسعا على المساجد , وهذا إن دلّ فإنما يدل على وجود الجذر الإسلامي المتأصّل في نفوس كثيرة إلا أنه غير مفعّل على الدوام ولم يتمّ تنميته كما هو مطلوب . لكن بالإضافة إلى هذه الصحوة نشهد أيضا "صحوة غربية" وخاصة في أوساط الشباب الذين راحوا ضحية الفكر الغربي والتحرّر والتمرّد على القيم الحضارية الإسلامية , فبهرهم جمال الحياة المادية ولولا قيود ومراقبة المجتمع لأضحو في أراض بعيدة . عناصر النهضة كلها بين أيدينا فالقرآن والسنة مصونان وفي متناول الأيادي والمساجد موجودة بكثرة والحمد لله , ولكن ينقصنا تفعيل هذه العناصر في ركب الحياة اليومي والخروج من الصمت والسبات العميق إلى الحركة والفعل ورسم الواقع وكتابة التاريخ بالوسائل المتاحة لنا . فلنترك عيبنا للزمان ولنعب أنفسنا على تقصيرنا , ولنترك خلافاتنا جانبا ولنعمل ولنخرج من إنغلاقنا على أنفسنا فنوسّع نظرتنا فنأخذ من الأمم الباقية ما ينفعنا ونطوّره ونبقي لهم كل ضلالة وفساد جاؤوا به , فنباهي الأمم بتاريخنا الحالي وليس فقط بتاريخ الأجداد وأيام بعيدة عنا قرونا . خلاصة القول أنّ بداية كل إصلاح هو من أنفسنا أولا والأيام دُول , وإن كان في هذه الأثناء ظلام دامس فإنه لا يدوم لأن النهار آتٍ بإذن الله .

كفاني شرفا !



كفاني شرفا أني وُلدت مسلما على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين ... كفاني شرفا أن خلقني ربي لأم وأب مسلمين ... كفاني شرفا أن رعاني ربي في ظلمات ثلاث وأنا لا أملك حولا ولا قوة ولا إدراكا ولا تفكيرا ... كفاني شرفا أن أخرجني ربي من بطن أمي سالما دونما نقص أو عيب ... كفاني شرفا أن منحني ربي نفس الحياة وروحا منه ... كفاني شرفا أن خلقني ربي في أحسن تقويم ... كفاني شرفا أن جعلني ربي من بني الإنسان مكرما بعقله على سائر المخلوقات ... كفاني شرفا أن رزقني ربي سمعا أتواصل به مع المحيط ... كفاني شرفا أن أنشأ لي ربي بصرا أرى فيه عالمي ... كفاني شرفا أن وهبني فؤادا لا ينفك ينبض ما لم يغرغر الإنسان ... كفاني شرفا أنّ لي يدين تبطشان ورجلان تمشيان ... كفاني شرفا بكل ثانية ونبضة رزقني إياها الله لعبادته في الدنيا الفانية ... كفاني شرفا أن أنعم الله عليّ بالصحة والعافية لأقوى على طاعته وشكره ... كفاني شرفا أن رزقني ربي نعمة الأمن في بيتي وبلدي ... كفاني شرفا أن أنعم علي ربي بالصلاة التي هي صلة بين العبد وربه وراحة وسكينة ... كفاني شرفا أن طهر ربي أموالي بالزكاة والصدقات ... كفاني شرفا أن وقاني ربي وداواني بالصوم ... كفاني شرفا أن خصني ربي برمضان شهر الخير والبركة والغفران والعتق من النيران ... كفاني شرفا أن رُزقت بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ... كفاني شرفا أن خصني ربي بالقرآن العظيم المعجزة الخالدة وبأجمل وأبلغ لغة , لغة العرب ... كفاني شرفا أن خصني ربي بسيد ولد آدم وشفيعنا وقائدنا وقدوتنا وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ... كفاني شرفا أن خصني ربي بهدي سيد المرسلين وإمام المتقين وبالسنة الشريفة المطهرة ... كفاني شرفا أن خصني ربي بأعظم صحابة وخير تابعين وخير خلف لخير سلف ... كفاني شرفا أن حمّلني ربي الأمانة التي أبت الأرض والجبال حملها لثقلها ... كفاني شرفا أن أطعمني ربي من الطيبات ومن كل الثمرات وحّرم علي الخبث والخبائث ... كفاني شرفا أن أذن لي ربي بالزواج الحلال وحرّم علي البغي والفحش والتفحش ... وكفاني شرفا أن الله قال في محكم تنزيله : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " ...

5.6.11

عُمرة العمر : أطول قصيدة خطّها يراعي



ودّع الأرض فالركب لا ينتظر *** وهل الوداع إلا من لعب القدر
وقل سلاما يا أرض الإسراء والدرر *** وفارق حب الوطن يوم يحين السفر
وانظر عبرات الفراق والنحيب فاسمعه *** فليس البكاء يخالف حنين البشر
ركبنا الحافلة فانطلقت وهي تحملنا *** وسألنا الله التوفيق في المسير
فاحتار قلبي بين حب مكة وفلسطين *** ولكنّ الشوق غلبني فركنت إلى النفير
دخلنا بلاد العُرب فعرفتها هويتي *** وسلّمت على أهلها بكل حب وتعبير
أنا مهما رُوّضت فلن أنسى جرحي *** فالذاكرة لا تُمحى والثورة تأنّ للتغيير
وغضنا في البوادي وحريقة النهار *** والليل أتى مسرعا ليُعلن حالة استنفار
أين أنت يا عمل النهار وأين العلم *** وأين ذاك الفراش الوثير ودفء السرير
السفر قطعة من العذاب والكل ذائقه *** وهو يهوى الرجال ومن عنده الصبر
وتراني متقلّب الأحوال لأقذف بالملل *** فتارة أتغنّى بالقرآن وأخرى يشدّني الذكر
يا مدينة رسول الله ما أبهاك *** وسلام عليك يا قمر المدينة والبدر
عمرتنا أشرقت من آبار علي لما أحرمنا *** وصدحت أصواتنا بالتلبية مع كل زفير
وصارت النيران تشتعل في كياني *** والقلب يرجف وكأنه الحشر والنشر
يا مكة جئناك وأضنانا طول الرحيل *** فهل يقوى العقل للقياك أم ينهار
ولما ولجنا أم القرى وشممنا شذاها *** هرعنا للبيت العتيق كالفار من النار
زاد الحماس والكل صار يترصد الأخبار *** فليس لقيا الحبيب بحبيبه من الأسرار
هلا فرشت لنا الأرض حرما آمنا *** فلقد سئمنا الخوف وهرمنا من حكام وجور
وتلك مآذن الحرم تعانق السماء وتتباهى *** وأبنية كلها حضارة ورُقي وزينتها الأنوار
وساعة مكة تذكّرنا بخطورة الوقت ومعناه *** والناس حولي أمواج عاتية يستعجلون النهار
واختلط الحلم بالحقيقة لما خطفت الكعبة ناظرينا *** وشدّنا جمالها إليها كالسحر وقت السحر
وخشعت الأصوات للرحمان وبدأنا نطوف *** فمن حب مكة فاضت من لساني الأشعار
سبعة طفناها ولم ننسَ الحجر الأسود *** وعند المقام صلّينا وسلبتنا الأذكار
شربة هنيئة من ماء زمزم أحيتنا *** وطمعنا بشربة مثلها عند الحوض يوم الحشر
وتتبعنا خُطى أمنا هاجر في المسعى *** من صفا إلى مروة وغايتنا كثير الأجر
ثم تحلّلنا بحلق الرأس أو التقصير *** ونبذنا ذنوبا أعيتنا لنلحق بالأخيار
هذه مناسك العمرة وشعائرها بكل إيجاز *** ولنا في الحج نصيب من خلال المزار
إلى منى رحلنا لنرجم إبليس وننتقم *** من حقدنا على من يريدنا له مهر
وفي مزدلفة طاب لنا ظل الخيام *** وصعقتنا ضخامة المكان وبُعد النظر
وإلى عرفات سرنا بخُطى الحجّاج *** وصعدنا جبل الرحمة بكل همة وإصرار
وذاك غار حراء ليس كأي غار *** وغار ثور ومسجد نمرة يكملان المسار
جمعة مكة وشمسها بكل مال لا يُشريان *** وعذب الأصوات تُطرب الجسد والأحجار
جدّة السعودية لم تغب عن البال *** فما أشد الشوق لبلاد العرب والأحرار
وموج اليمّ سلّم عليّ هناك وحيّاني *** وفي مسجد الرحمة صلّينا وفوق البحر
وسمك الأحمر غذّى الروح مني ووجداني *** والذكريات نسيت النسيان في الذاكرة والصور
إلى مكة عدنا لنعلن الفراق بسرعة الرياح *** فالوداع كل الوداع يا بكة الخير والطهر
ووداعا يا حب العدنان وقبلتنا والكعبة *** ووداعا لطواف وسعي وزمزم وعصر وفجر
فالله أدرى إن كانت لنا عودة أو لا ثاني *** للغمس في العسل وتذوّق جنة الدهر
وهاجرنا هجرة رسولنا إليه واشتقنا *** لمدينة السلام وللقيا الحبيب والقبر
وغنيتُ طلع البدر علينا لما هاجرنا *** ألا ليت شعري ما هذه النشوة والحبور
يا طيبة ما أهيب طلّتك وما أحلى *** سحرك فهل تقبليني ضيفا بين الأنصار
هذا مسجد خاتم الأنبياء يطلبنا ونطلبه *** وليس من يرى جمال الحرم ينسى المختار
وروضة الجنان هي زينة المكان وحلّته *** وبيت العدنان ومنبره كالذهب والقناطير
عند قبر رسول الهدي فاض الدمع شلالات *** وأبو بكر وعمر سلّمنا عليهم وانقضضنا كالصقور
إلى أحد شددنا الرحال وذكرنا الخسران *** فهلا أطعنا الوالي وتركنا عصيان الأمير
وهذا قبر حمزة يذكّرنا بشِيَم الرجال *** فهل نتلقّن عبر التاريخ أم نختلق الأعذار
وهذا مسجد قباء قد سطّر فجر الإسلام *** وقبور صحابة في البقيع أولئك الأبرار
وداعا يا مذكّرات سائح في أرض الحجاز *** وإلى اللقاء يا ليل المدينة والأسحار
أقصانا نحن عائدون إليك في مسرانا *** والشوق يزداد ما اقتربنا من الأهل والديار
هذه حكاية رحلة العمر في العمرة *** ولله الحمد على جميل النعم في العلن والإسرار

27.5.11

في ذكرى النكبة 2011



عربيتي هويتي وهي عنواني ... وحبي لوطني مزروع في كياني
نابت في جسدي متجذّر في أرضي ... وأوراق الزيتون تغطي الرأس ووجداني
ليس هذا من أضغاث الأحلام ... وليس كابوسا أو مسا من الشيطان
ولكنّها ذاكرة تأبى النسيان ... وواقع شعب لعق الصبر والنيران
سماء الحرية بقيت مطلبنا ... ودحر الظلم هي غاية الأماني
لسنا إرهابا ولكنا أصحاب البلاد ... والمحتل يكتب تاريخ البهتان
شلّت يد من كذب على نكبتنا ... وملعون ذاك المنكر للعدوان
هم الكلام والباء مكان الميم ... وهم قتلوا وشرّدوا ثم يطلبوا الغفران
إن ظنوا يوما أن السلاح يغلب ... فذاك الدهر رددها وهيهات يفهم العقلان
لا يُغلب أصحاب حق وإن قلّوا ... فنحن عند الزحف أشجع من الثيران

5.4.11

في ذكرى يوم الأرض



ثورة تأتي وثورة تروح ونحن حائرون ... وهل ينفع الصمت في عصر الجنون
حائرون بفكرنا قاعدون بعزيمتنا ساكتون ... لا نملك أن نقول لا ولكنّا لسنا نهون
أرضنا في يوم أرضنا تصرخ من آلآمها ... وهي عرضنا ولأمانتها نحن نصون
في كل يوم تتجدد نكبتنا وصرخة المظلوم ... والأراضي تُصادر والأبرياء يقتّلوا والعالم في سكون
ووديان الدموع تجري شلالات في نكستنا ... وليس ذبح الأطفال واستحياء النساء يُنسينا فرعون
هذا قانون عنصري آخر لمحو وجودنا وثقافتنا ... وتلك جرافة شيطانية تسطّر الإرهاب المكنون
تراب بلادي يشهد بفلسطين وعروبتي ... والزعتر يعرفني والصبر والزيتون والليمون
لا تحزنِ يا فلسطين إن داس عليك المعتدون ... فالظلم يدوم ساعة وليته جائهم خبر قارون
وليتهم قرأوا صفحات التاريخ وقلّبوها جيّدا ... ليعلموا أنّها ليست الطائرة تُخيفنا ولا المارون
فلنا الماضي هنا ولنا البحر والشّجر والحجر ... والموت في أرضنا شرفنا والفرد منّا مليون

4.4.11

يمين الولاء



منذ خروجي من بطن أمي إلى بطن الدنيا وشهيقي الأول ومنذ بكاء الطفولة الأول وأنا أسمع صدى الإسلام في أذنيّ ليصل إلى دماغي اللين فيُحدث هناك عملية منسجمة مع الفطرة ليخرج عقلا إسلاميا خالصا. والحقيقة أنّ كمّا كبيرا من المسلمين يمرّون بمثل هذا السيناريو ولكن المشكلة أنّ هذا العقل يخضع لإيحاءات أخرى مؤثّرة ومنها الإعلام والإنترنت والبيئة المحيطة وسبب صلاح الفرد أو خرابه يعود في غالبية الأحيان للعالم الخارجي , فالأذان في أذن الطفل لا يكفي وإنّما نحتاج إلى إنشاء بيئة تربوية إسلامية لتنمية هذه البذرة الطيّبة .
ولمّا كانت معزّة الإسلام محفورة في كلّي ومنتشرة في جُلّي كان واجبا عليّ أن أردّ الجميل بالجميل والإحسان بالإحسان والمعروف بالمعروف لأنّ هذا هو التصرّف الطبيعي ومن حاد عنه فإنّه يحيد عن واقعه ويعيش في أوهام وأحلام ويخرج عن الطبيعة . ولطالما سألني ضميري كيف يكون ردّك للجميل ؟! ولم يظهر هذا السؤال في هذه المسألة فقط وإنّما وجدته في دروب كثيرة لأنّه كما يبدو مرتبطا بالمعاملات الإنسانية التي لا تعرف السكينة والإنتهاء .
لقد أوصلني فكري إلى حقيقة صارخة تستوجب منّي وقفة وتحية إكبار وإجلال لنواتج هذا العقل المفكّر فكما وُلدت مسلما عليّ أن أتابع طبيعتي وفطرتي الخلقية فأعيش مسلما في سنين عمري إلى أن أموت مسلما إن شاء الله وبذلك أكون قد أغلقت دائرة الإسلام من حيث بدأتها وحقّقت التوازن النفسي المطلوب للعيش السعيد . بهذا المفهوم فإنّ الصرخة التالية تكون أنّ الإطار الوحيد والواحد الذي أقسم يمين الولاء له هو إطار الإسلام ولا يوجد هناك إطار آخر يستحقّ هذا القسم الغليظ فالتبعية تكون لهذا الدين وتعريف الهوية وتحكيم القول والعمل وفقا لهذا الدين .
أنا لا ألغي بكلامي هذا الأحزاب والكتل والحركات على اختلافها وتنوّعها وإن كنت قد ألغيت بعضها لأنّ المبادئ والأساسات لا تتلائم مع الفكر الإسلامي ولكنّي أقول أنّ أطر هذه الأحزاب لا يجب أن تحكّمنا أو تحرّكنا بشكل حصري وإنّما المحرّك الأول والأخير يكون إطار الإسلام فهو النبع الأصيل والمدرسة التقليدية والتجديدية التي ننهل منها شرعنا . نحن لا نريد من يخلص نواياه لحزب معين أو يفدي نفسه لنصرة هذا الحزب أو يقسم الولاء لهذا الحزب دون الإسلام فالواجب إخلاص النية لله وحده ونصرة الإسلام والولاء لهذا الدين العظيم . من أراد أن ينشأ حزبا أعظم من الإسلام فهو عمليا يتجرّأ عليه ويتحداه رغم أنّه ليس كفئا فأولى له أن يجلس مرتاحا لأنّ عمله لن يثمر إلا السهر والحمّى .
إنّ وظيفة هذه الأحزاب والكتل والحركات وليس كلّها بطبيعة الحال ولكن النافع منها هو بمثابة حلبة للخروج إلى المجتمع والتأثير بواسطة إطار منظّم ومقبول في المجتمع في حين عدم تواجد خلافة إسلامية كما هو الحال في هذه الأيام لأنّ الفرد بذاته لا يملك الطرق والمحفّزات للخروج للمجتمع في غالبية الأحيان وإنّما يحتاج إلى قالب يحويه ليسطّر اسمه في سجل من عمل واشتغل وليس مجرد تكلّم وخطب . لذا فليس من العيب الإنتماء إلى حزب إسلامي وإنّما محبّذ هذه الأيام لكي تصل إلى حلبة التأثير والتغيير فتُحدث بصمتك الخاصة في المجتمع ولكن العيب أن تتأثّر بشكل قوي من هذا الإنتماء فتنسى إسلامك الأصلي وراء ظهرك . إنّ الخطر من وراء هذا الإنتماء هو التأثّر بفكر الحزب وصعوبة التحرّر من هذا التأثّر وبالتالي تضييق صورة العالم والتقوقع في خمس العالم الإسلامي وترك الأربعة أخماس الباقية دون لفت الإنتباه لها وعندها يرفرف خطر آخر وهو أن تقول ما أضيق الإسلام والواقع أنّ الإسلام واسع أكثر ممّا تتخيل وهو شامل ولكنّ فكرك هو الضيق .
إنّ الحل المثالي هذه الأيام هو الإنتماء إلى حزب واحد أو أكثر للوصول إلى منصة التأثير وخصوصا الشباب الذين لم يسطّروا اسمهم إلى الآن في المجال العلمي أو الفني والحذر من خطر الإنخراط الفكري في الحزب وترك الأطار الأوسع والأشمل . لذلك مما يساعد على عدم الوقوع في هذه الحفرة هو متابعة ما يجري في العالم الإسلامي بكلّيته وسماع آراء أخرى في إطار الإسلام الحقيقي وتطوير فكر نقدي ونقاش موضوعي حضاري لأنّ ذلك يساعد على توازن قوى المدّ والجزر . والله ولي التوفيق

20.2.11

قصيدة بعنوان أبجدية محمد صلى الله عليه وسلم – 2



تأليف وإبداع : الطالب الجامعي محمود صابر زيد – كفرقرع
هذه القصيدة مهداة إلى رسولنا الأكرم سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم بمناسبة ذكرى مولده الشريف , وممّا يميز هذه القصيدة أنّه إذا نظرت في أوّل حرف من كل بيت فإنّك سترى جميع الأحرف الأبجدية مرتّبة من الألف إلى الياء وهذا التناسق الشكلي جاء متزامنا مع اسم القصيدة "أبجدية محمد صلى الله عليه وسلم" .

أبكي محمّدا في ذكراه لكثير اشتياقي ... ولست أبكي إلا لمن استحقّ منا رثاه
بدرٌ طلعت على يثرب فنسيت الليل السرمدي ... وشمس وضّاءة ورحمة للعالمين وقلبي يهواه
ترى تلك الشجرة وذاك الحجر يحنّون للقياه ... وجملٌ صبورٌ يبكي إلى طه ويُسمع شكواه
ثائرٌ أنا على ذاكرتي إن نسيتك يوما ... ومتمردٌ أنا على قلبي إن انفكّ يلقاه
جلّ من اصطفاك من خير البشر كلهم ... فما من أحد يرقى إلى ذروة تقواه
حبّك يجري مجرى الدّم في العروق ... ونبض قلبي يناديك ويجدّد نواياه
خذني إليك لأسعد فالكل دونك أشقياء ... ولا تنسني من الشفاعة فالحساب أخشاه
دليل الحيران هديك وسنتك نهج حياتي ... وأنت قدوة كل حي ومن لسنا نراه
ذرفت عيوني دموع الحنين يوم مولده ... فليس النحيب يكفيني ولكنّي أبغي رؤياه
راسخٌ أنا في حبّ أحمد ما أطلقت شهيقي ... فالمال والولد والنفس فدىً لعظيم غلاه
زمان المجد ولّى مدبرا كلمح بالبصر لمّا ... تركنا وصايا الرسول فاتّبعنا رويبضة وسواه
سلامٌ على الأندلس وحضارةٌ لا تُنسى ... فتلك قرطبة صنعت تاريخا بكل معناه
شمس غرناطة وطليطلة أعلنت إسلامها ... فالعلم سطّر عزّا لمّا لم يرَ الغرب من عماه
صباح النصر قادمٌ ليلة توبتنا من ذنوبٍ وأوبتنا ... والذلّة واقعة إنِ السّنة تركناها والقرآن نسيناه
ضباب الجاهلية تلاشى لمّا بلال صدح بصوته ... وعُمر لم يخلط بين حق وباطل والعدل أحياه
طلائع الإسلام أبو بكر خليفة رسول الله الأول ... وخديجة بَنَتْ بيت الإيمان وصدّقت بدء هداه
ظلمة الهجاء زالت عن قلب حسان بن ثابت لمّا ... رأى نور المختار فمن خوفٍ على بصره لم تُر عيناه
عثمان وعلي أتمّوا عهد خلافة راشدة بإحسان ... فرغم كبير الفتن أرسَو دولة الإسلام وحِماه
غريبٌ أنت يا زمان كيف تركت ذاك المجد ... ولكنّ حسرتي على من خنع لمتاع زائل واتبع هواه
فالعلم والأدب وكل فن يحكي حضارة الإسلام ... وهذا عزٌ لم يعرف له مثيلا فبه فافخر وإياك أن تنساه
قد نال منك يا رسول السلام أناس لم يعرفوك ... ألا ليتهم سمعوا عن خُلُق النبي الأمّي ورحماه
كم أنت مسكين يا من تجرّأت على سيد المرسلين ... ألا ليتك عرفت قَدرك في ساح أحمد وصفاه
لا تحسبنّ من رقص على قبر عظيم كبير شأن ... فالعظمة أن تكتب تاريخا تأبى الدنيا جفاه
من ذا الذي يقذف عرض أم المؤمنين بكل سفاهة ... فجهنّم تنتظره وتنادي من مثله تغنّى بغباه
نار تلظّى لكل من لم يرد كتاب الله حيا ... فتبّا لمن لم يفهم أنه محفوظ في صدورٍ ترضاه
هذا يسب ديننا اليوم وغدا آخر لأنّهم علموا ... أنّ القوة فيه والأمن ولكنّ منصبا زائلا أغراه
وإني رغم ألمي لا زلت أرى الخير صامدا ... فرُبّ شرٍ خدم الخير دون قصدٍ وأرساه
يا مصطفى ذكرك حي وأبجديتك لك مني هدية ... وقربك في الفردوس الأعلى هذا أقصى ما أتمناه

1.2.11

قصيدة بعنوان سعادة المسلم



إبداع وتأليف : الطالب الجامعي محمود صابر زيد - كفرقرع

هلّا طرقتِ بابي قبل الولوج ... إن كنتِ واثبة نحوي بإقدام
أم أنّك لطالما أحببت أن تباغتيني ... فحلاك لا يكتمل إلا بمفاجأة الأيام
وأخبريني كيف لي أن ألقاكِ ... يا سعادتي لي رغبة أن أبلغ المرام
لكنّ الدهر علّمني أنّ سرّك الأول ... محفوظ في شخص الإنسان فالأمر محسوم
ذاك الإنسان الحي بقلبه وضميره غايتك ... وليس من عاش على ركام أضعف الأقوام
ثلاثة من كنّ فيه عانق العنان بسعادته ... حب الخير للناس وقوة في الشخصية والإلتزام
وليس الغنى من يبقيك ضاحكا باطمئنان ... لكن حسبك سدّ حاجاتك فالأجل محتوم
ولا تحسبنّ من حَسُن مظهره وتجمّل رائدا ... إياك أن ثثنيك زينة عن اللب العظيم
وحذاري أن تنسى نصيبك من العلم ... فشعلة العلم لا تنطفئ وهو عدو للظلام
حسن الخُلُقِ دأب كل صالح وعظيم ... فالسعادة فيه والسكينة وفي الصراط القويم
ليتني أكون شمسا لأغمر الأرض بدفئي وحناني ... وليتني أكون قمرا لأحفظ عرش الإسلام
وليتني أكون شجرة لأضمّ إلى ظلّي طفلا باكيا ... وليتني أكون نبع ماء لأروي ظمآنا بإكرام
وإنّي لأظنّك إن كنت لبيبا قد فهمت قصدي ... وإلّا فعليك واجب أن تقرئني لتفهم أحلامي
الإحسان لا يجد له مخرجا من جوفي وأحشائي ... والفناء لأجل ديني ووطني دستوري وكلامي
هل سألتني كيف لي أن أعيش أبد الزمان ... إن كان الموت يترصدني كل عامي
أم أنّك خجلت من سؤال جوابه بين يديك ... فإنّي مخبرك بسرٍ لا يُقال إلا لأقرب الأعمام
نفسك لا تنسها ولكن لا تشغلك عن غيرها ... فمن لم يزد شيئا زاد على الدنيا ومات بإسهام
وليست السعادة وقفا خالصا للدنيا بصغرها ... ومن ذاق اليوم منها شيئا فالغد أغنى بالنعيم
فرسول الله علّمني أن لا أحصرها في دنياي ... فالسعادة أدوم من التلاشي عند تفتت العظام
هذا درب السعادة يطلبك ويرجوك فسِر برغبة ... ولا تنسَ نشل ماء سعادتك من نبع الإسلام

15.1.11

قصيدة بعنوان أهلاً بالحجيج




إبداع وتأليف : الطالب الجامعي محمود صابر زيد – كفرقرع
هذه القصيدة مهداة لجميع الأمة الإسلامية قاطبة بمناسبة عودة حجاجها سالمين غانمين إلى ديارهم الغالية .
حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور إن شاء الله . تقبّل الله منّا ومنكم الطاعات وحمدا لله على سلامة الجميع

أهلاً بالحجيج إذا ما حلّوا بالديار ... ومرحباً بمن حلَّ ضيفاً على الرحمان
من الأرض المباركة سرتم وسار دليلكم ... ولرؤية البيت غمركم ذاك الشوق والحنان
لمّا خلعتم لباس الخطايا حسبتكم الأقمار ... من السماء سقطت لتنير أطهر مكان
يا من بالتلبيةِ صدحت أصواتهم وتعالت ... ويا من هممهم جابت الصحاري بقمّة الإحسان
ويا من ثَقُلَ عليهم فراق أرض الوطن والأحباب ... أخبروني عن حالكم لغيابِ قسطٍ من الزمان
ولمّا سحرتِ الكعبة أعينكم وشممتم ذا النسيم ... تفجّرت عروق الدم شوقاً لطلب الغفران
هلا أخبرتموني عن درر مكة وقبلتنا ... وعن طوافكم والسعي بكل إخلاص وإيمان
بل حدِّثوني عن مسجد خير البرية كلهم ... فالنفس متلهفةٌ والسكينة مطلب كل إنسان
وأسقوني الكأس ثمّ الكأس من ماء زمزم ... فليس كل ماء يروي القلب الظمآن
فلله الحمد بأن ردّكم بسلامة وطُهر ... فجمعكم بعد بُعْدٍ بأغلى الأصحاب والخلان
سالت أودية من الدمع عند اللقا ... فالشجر والحجر حنَّ لعبدٍ عرف العنوان
ولكم مني نصيحة أن حافظوا على البياض ... فما مضى من العمر كثير وأبشروا بالجنان
ولا تنسوا أنَّ الحجّ منحة من ربٍّ غفّار ... ثمّ احمدوا الله على جميل الفضل والإمتنان

1.1.11

قصيدة بعنوان فرحة العيد



إبداع وتأليف : الطالب الجامعي محمود صابر زيد – كفرقرع
القصيدة مهداة للأمة الإسلامية عامة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك ومما يميز هذه القصيدة أنه إذا نظرت في الحرف الأول من كل بيت وجمعتها معا فإن العبارة التي تخرج " كل عام وأنتم بخير " وهذه مباركة ضمنية في هذه القصيدة .
أتمنى أن تنال هذه القصيدة إعجاب قارئيها وعيد مبارك على الجميع .

كبّر الله يا مسلم وافرحْ بالعيد ... فليس العيد إلا هدية للعبيد
لم تأتِ هذا العام كأيِّ عام ... ولكنّك جئت بشغف عارم ومزيد
عن حالي لا تسأل وكن رفيقي ... فسؤالك يوقدُ الجرح والعيش الشديد
أسفي على من ظنَّ العيد تفلتاً ... فرافق الغواني وأسرف ليسعد في العيد
ما السعادة إلا في طاعة الرحمان ... يا عبد افهم وامسح عنك الرماد
ولا تقل لي إن العيد عائدٌ ... ما أنت بمالك سوى الحاضر الأكيد
أيامُ عشرٍ أنت آخرها وأغلاها ... وشعائرٌ فيها تحكي المجد التليد
نفذ صبري كله قبل لقياك ... فالبعد إرهاقٌ ومن شوقي لا أراك
ترى ذاك النهر والبسمة هناك ... وحضنك حوى كل بهجة وأشجاك
من كل فجٍّ عميقٍ جاؤوا ولبّوا نداك ... يا رب العزّة فباهي بهم كل ملاك
بالتلبيةِ طافوا وطافت قلوبنا معهم ... وعلى صعيد عرفات سألوا رضاك
خلِّني أراهم قد عادوا بسلامتهم ... ودعني أقبّل الرأس منهم وأشُمُّ المسك
يا من سُلِبَت منهم ضِحكة العيد اصبروا ... فإنَّ ربي يرى من ينام على الأشواك
ربي اجعل أيامنا كلها عيدا ... وانصر أمة الإسلام يا رب الأملاك