1.5.12

كتاب رحلة عقل: رحلة لكل عاقل!



"إنني أهيب بكل باحث عن الحقيقة، وكل متديّن يبحث عن يقين العقيدة، أن يقرأ هذا الكتاب قراءة متأنّية"، "إنه طرح جديد كل الجدة، يُعتبر ثورة في المفاهيم العلمية، وثورة في النظر إلى الدين" (د. أحمد عكاشة).

"عندما تتأمّل الوجود من حولك، انظر إليه كأنك تراه لأول مرة. إن الإعتياد على الأشياء التي حولنا يمثل حجابا بيننا وبين حقيقتها، يسمونه "حجاب الإعتياد"" (في الصفحات الأخيرة من الكتاب).

فعلا إن هذا الكتاب يأخذنا في رحلة تأمّلية عميقة لنرى ما حولنا وما بداخلنا بنظارات جُدد وبرؤية أوضح، وهو يتميّز بكونه دقيقا في لفظه، فعندما يكون العلم قد أثبت فإنه يقول ذلك، وعندما يكون قد عجز فإنه يُصرّح بذلك. وهو رحلة لأنه ينقلنا من محطة إلى أخرى: بدءا من فلسفة الإلحاد، مرورا بإكتشاف الإله، وانتهاءا بالربط العجيب بين الدين والعلم.


إن الصراع الذي يواجهه د. عمرو شريف (مؤلّف الكتاب) هو الصراع الذي يواجه كل عاقل في هذا الزمان وقد عرضه لنا في ثنايا الصفحات بمنتهى الصدق والشفافية، وبيّن لنا كم عانى في إخراج هذا الطرح للوجود، فمن جهة هناك المدّ الإلحادي الذي انتشر بقوة ليدخل إلى العالم العربي والذي يتّخذ العلم سلاحه الوحيد، ومن جهة أخرى هناك الخطاب الديني الذي أخذ يبتعد عن التفكير المنطقي العقلاني، فتناول النصّ ببساطته ونبذ البحث والفلسفة بحجة أن الدين يحوي كل ما نحتاج إليه. لهذا فإننا نرى د. عمرو يُحاول بكل جدية ليُعيد التآلف المتروك بين العلم والدين، لأنّ هذا هو الأصل، والدين الإسلامي يحث على ضرورة التفكير والتعقّل والبحث وطلب العلم، فالذي أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم النص الديني هو ربنا الذي أنعم على البشر بنعمة العقل والعلم، لذا فليس عجبا أن نجد إنسجاما بين النص الديني والإكتشاف العلمي وإنما العجب أن نجد تناقضا بين الإثنين. إن هذا الفهم الصحيح الراقي للدين من شأنه أن يجذب الناس إلى التديّن، لأنّ ذكريات اضطهاد الكنيسة في القرون الوسطى ما زالت تُلقي بالبشر بعيدا عن الدين خوفا منه. أما دين الفطرة، دين حقوق الإنسان، دين النظام، الرقاوة، الحضارة، دين المنطق، فهذا هو الطرح الذي سيؤثّر في عصر العلم والمعرفة وهو ما سيقلب الميزان لصالح المتديّنين. 


إن هذا الكتاب يحثّك على طرح الأسئلة التي لطالما خفت من طرحها والتي ما زال كثير من الإسلاميين يشكّكون ويطعنون بطارحها، إلا أنه في حقيقة الأمر أن البحث في هذه الأسئلة يودي بالإنسان إلى تقوية إيمانه بالله لأنّ الحجّة المنطقية تكون قد شغّلت تفكيره ودفعته إلى إيمان يقيني، وليس إيمان قولي وحسب، وبالتالي يُصبح الإنسان عندها قادرا أكثر على الصمود أمام التيارات التي تُعاكسه من تاركين للإيمان ومن ظروف قاسية من شأنها أن تشكّك الإنسان بحقيقة وجوده وحقيقة الكون. فأن تسأل: "هل الله موجود؟"، بدافع البحث عن الأدلة على وجوده، فهذا مطلوب وضروري ليكون إيمانك على بينة، لا مُجرد أن تقول كما قال آباؤك.


خلاصة القول أن هذا الكتاب هو ثروة للعالم العربي والإسلامي لأنه يُطلعنا على آخر ما توصّلت إليه الحضارة الغربية من اكتشافات وفلسفات وهذا ضروري لكي نلائم خطابنا الديني لعصر العلم والمعرفة ونُغنيه بأقوال فلاسفة أيقنوا الحق بعد بحث عميق في معنى الوجود ومعنى الحياة والكون، وأخيرا نقول أن الإيمان المبني على بحث هو أقوى وأمتن من الإيمان الذي استقبله الشخص على طبق من ذهب.
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق