4.9.13

اقتلها ولك الجنة!




هو: اقتلها فلم تُطعْ والدها! هي: هل أعطيتها فرصة لتطيعك؟

هو: اقتلها فهي أنثى! هي: أليست الأنثى بشرا؟

هو: اقتلها فهي ضعيفة مسكينة! هي: أتريد أن تُثبت رجولتك عليها؟

هو: اقتلها فهي تتكلّم مع شاب على التليفون! هي: ألم تكلّم أنت في شبابك مئة امرأة؟

هو: اقتلها فهي رخيصة! هي: ألست أنت من ربّاها؟

هو: اقتلها فلا يحقّ لها أن تعيش! هي: هل أنت ربّها حتى تُقرّر؟

هو: اقتلها فقد فضّت غشائها! هي: ألا يخطئ الانسان؟

هو: اقتلها فقد شوّهت سمعتك! هي: هل سمعتك أغلى من بنتك؟

هو: اقتلها ولك الجنة! هي: هل أنت مجنون؟

القول الفصل !


كثير من كبار السنّ أو ممن ظنّوا أنفسهم أساتذة كبار بعد تحصيل قدر من العلم، يُصرّون على اطلاق القول الفصل الذي يحسم النقاش والجدال ويُجهز على خصوبة الحوار ويقضي على حيوية الفكر، ما لم تنتبه المجموعة الى هذا القول الفصل، وتحاول ادخاله مجدّدا الى حلبة النقاش بعد أن قام صاحبه بإخراجه، إما لأنه يريد أن يُريح نفسه من الجدال مع البسطاء وإما لأنه لا يريد أن يُغيّر قناعاته التي بناها على مرّ السنين وعلى أثر الخبرات المتراكمة، وفي كل ذلك كِبْر، إذ صحيح أن للخبرة حقّها وللسنين أثرها، ولكن طريقة عرض القناعات ينبغي أن تكون مرنة، بحيث يعرض الإنسان رأيه، ولا يتعصّب له، فهو واعٍ لضرورة النقد ولا يهمّه ان جاء النقد ممن يصغره في الجيل أو في العلم، فلكل جيل ولكل درجة علمية وجهة نظر ورؤية مختلفة ولو استمعنا الى هذه الرؤى لأغنينا مكتبتنا الفكرية، وان لم تُفدنا آراء الآخرين، فلن تضرّنا، وحسبنا أننا ساهمنا في فتح المجال للنقاش وبالتالي للتفكّر ولم نُغلق بابه بمجرّد اطلاق القول الفصل!

وحتى لو كنا مُتأكّدين من فضل رأينا على الآراء الأخرى، فلا ينبغي أن نفرضه على الآخرين فرضا، لأنه في الغالب لن يُقبل، ولو كان هو الأصح، ولكنّ الطريقة الأفضل هي الإقناع وعرض الأدلة والبراهين والحجج التي تدعم قولنا! ربنا جلّ وعلا يقول لرسوله الكريم رغم أنه جاء بالحقّ والصواب: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، ففرض الآراء بالقوة والإكراه غير واردين في قاموس مصطلحاتنا.

سذاجة الحياة اليومية !


تمر سنون كثيرة من عمر الإنسان حتى يصطدم بأسئلة مثل: ماذا سأقدّم لمجتمعي؟ وأي أثر سأترك من خلفي؟ وما هي انجازاتي وما هي البصمة التي سأتركها من ورائي؟ وهي أسئلة جوهرية تصبّ في معنى حياة الفرد، لأن الإنسان يدرك من خلالها معنى حياته وما هي مميزاته!

لكن أغلب الناس يعلقون بأمور روتينية وبمتطلبات الحياة اليومية، مثل: التعليم، العمل، بناء بيت، شراء سيارة، زواج، تربية أولاد، زيارة أقارب، أعراس، بيوت عزاء وما الى ذلك، وهذا لا يعني أننا نُقلّل من قيمة هذه الأمور، ولكن القصد هنا أن الانسان الذي يسعى نحو التميّز لا يجب أن يكتفي بأعمال يشترك فيها أغلب الناس، وانما عليه أن يطلب ما يتعدّى حدود الحياة الروتينية. وقد استعملت كلمة "يعلق" لأن الغالبية يحسّون أن حياتهم رتيبة ولا تحمل في طيّاتها بصمات خاصة، وهم لا يعرفون كيف يتحرّرون من ذاك الروتين وتلك الرتابة!

فروتين الحياة في أحيان كثيرة يحول بيننا وبين تحقيق حلمنا وميّزتنا واضافتنا على هذه الحياة، اذ نُفضّل أن نكون كسائر البشر، بدلا من أن نكون مُختلفين لنحقّق أسطورتنا الشخصية، وبذلك تتكرر النسخ البشرية دون أن يأخذ كل فرد منا دوره الشخصي، الخاص والمميّز في اعمار الأرض وتحقيق وظيفة الاستخلاف، ولن نستغرب ان نسي التاريخ هؤلاء الأشخاص سريعا لأنهم لم يتركوا أثرا من بعدهم يدلّ عليهم.

تعليم المرأة وعملها ...


لا يُعقل أن تكون أمّهات أطفالنا واللواتي سيُرضعنهم حليبا وحنانا وحبّا وثقافة وطبائعا، لا يُعقل أن تكون هؤلاء الأمّهات قليلات الاطلاع، ضيّقات الثقافة، قاصرات في العلم، لأنّ قاعدة فاقد الشيء لا يُعطيه تسري في هذه الحالة، لتكون الأمّ من هذا النوع عاجزة عن العطاء الفكري والثقافي، واذا كانت الأم قُدوة الولد فسيمرّ وقت ليس بالقليل حتى يدرك الشبل منابع الثقافة بنفسه، ولذلك كان من المنطقي جدا تفاني المرأة في تثقيف نفسها وإثراء دائرة اطلاعها والارتقاء في سلّم العلم، إذ أنها هي حاضنة الطفل ومُرضعته الأولى.  

أما فيما يتعلق بعمل المرأة فأنا أميل الى فتح الأبواب، بخلاف من يدعون الى غلق الإمكانيات المُتاحة في وجه الإناث كي يبقين في البيوت، ففي ذلك استبداد وظُلم وتحكّم بحرية المرأة، فالأصل أن تكون المرأة حرّة في اختيارها، فإن أرادت أن تعمل في شركة حاسوب فلا يجب أن يمنعها أحد، وكذلك الأمر ان أرادت أن تعمل في أشغال شاقّة مثل: ترميم البيوت وغيرها، لكن عليها أن تنتبه كما على الرجل أن ينتبه الى أن لا يكون العمل على حساب المسؤولية في المنزل، والمرأة عليها أن تنتبه الى هذا الأمر أكثر من الرجل بحكم كون طبيعتها الفيزيولوجية تختلف عن الرجل، فهي التي تحمل تسعة أشهر وهي التي تُرضع وهي التي تفطُم، ولذلك فهي غير مُجبرة على العمل ان كان ذلك يشقّ عليها، ولكن عليها من جهة أخرى أن لا تُمنع من المساهمة في خدمة المجتمع ان وفّقت بين عملها وبيتها.

كرم الإله !


اذا اتجّهنا من "الماكرو" الى "الميكرو"، فتأمّلنا على سبيل المثال العين الانسانية، وكيف أنها مبنيّة على صغر حجمها من الكثير الكثير من الأجزاء، فهي تتكوّن من ثلاث طبقات أساسية: الصلبة، المشيمية والشبكية، وهذه الثلاث طبقات تتكوّن من أجزاء أصغر، فالشبكية تتكوّن من وريقة صباغية خارجية ووريقة عصبية داخلية، والوريقة العصبية الداخلية تتكوّن من طبقة الخلايا البصرية والطبقة الوسطى وطبقة المشابك الداخلية وطبقة عقدية، ويستمر هذا التعقيد والتناسق وهذا الترتيب والنظام الفائقين الى أن نصل الى الخلية ومن ثم الى البروتين والـ DNA ومنه الى الذرة والى البروتونات والإلكترونات والنيوترونات. نفس الإعجاز يأسرنا ان اتجّهنا من "الميكرو" الى "الماكرو"، فالإنسان هو جزء من مواطني دولته ودولته جزء من مئات الدول وهذه الدول تُشكل 30% فقط من مساحة الكرة الأرضية، والكرة الأرضية هي جزء من المجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية هي جزء من مجرّة درب اللبّانة وهناك مجرّات أخرى غيرها ! فكل محاولة لإحصاء النعم ستبوء بالفشل لكثرة النعم التي أنعم الله بها علينا فله الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن !

ومن ثم يأتي من يقول لك بعد كل هذا الإعجاز، أن المصائب التي تنزل على رؤوسنا تدلّ على ظلم الإله وأنه خلقنا لكي يعذّبنا ! وهو يُطلق هذا الادّعاء مُتسرّعا وقبل أن يُفكّر في الحكمة من وراء المُصيبة التي حلّت به، ويعتقد أنه ان لم يفهم غرض المصيبة، فإن ذلك يعني أن هذا العالم عشوائي، وينسى أو لا يفهم أن الحكم الإلهية لا يمكن أن تكون ظاهرة ومفهومة لإنسان يعيش في الزمان والمكان ! فالحكم الإلهية هي خارج الزمان والمكان، وتفكيرنا نحن ينحصر في الزمان والمكان وفي الآني واللحظي ولذا فلا يُمكننا معرفة الحكمة من الفعل الإلهي ومن القَدَر الإلهي، وكل ما نملكه هو مجرّد فرضيات تحتمل الخطأ أو الصواب، وبكل الأحوال علينا أن نكون مؤمنين بأن كل ما حلّ بنا وما يحلّ وما سيحلّ هو لصالحنا، إذ أنه لا يُعقل أن يكون من سخّر لنا كل هذه النّعم والتي لا نفلح في احصائها لكثرتها، قد أراد بنا سوءا، فكرمه في النّعم الحسّية يؤكّد كرمه في النّعم النفسيّة والمصيرية !