4.9.13

كرم الإله !


اذا اتجّهنا من "الماكرو" الى "الميكرو"، فتأمّلنا على سبيل المثال العين الانسانية، وكيف أنها مبنيّة على صغر حجمها من الكثير الكثير من الأجزاء، فهي تتكوّن من ثلاث طبقات أساسية: الصلبة، المشيمية والشبكية، وهذه الثلاث طبقات تتكوّن من أجزاء أصغر، فالشبكية تتكوّن من وريقة صباغية خارجية ووريقة عصبية داخلية، والوريقة العصبية الداخلية تتكوّن من طبقة الخلايا البصرية والطبقة الوسطى وطبقة المشابك الداخلية وطبقة عقدية، ويستمر هذا التعقيد والتناسق وهذا الترتيب والنظام الفائقين الى أن نصل الى الخلية ومن ثم الى البروتين والـ DNA ومنه الى الذرة والى البروتونات والإلكترونات والنيوترونات. نفس الإعجاز يأسرنا ان اتجّهنا من "الميكرو" الى "الماكرو"، فالإنسان هو جزء من مواطني دولته ودولته جزء من مئات الدول وهذه الدول تُشكل 30% فقط من مساحة الكرة الأرضية، والكرة الأرضية هي جزء من المجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية هي جزء من مجرّة درب اللبّانة وهناك مجرّات أخرى غيرها ! فكل محاولة لإحصاء النعم ستبوء بالفشل لكثرة النعم التي أنعم الله بها علينا فله الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن !

ومن ثم يأتي من يقول لك بعد كل هذا الإعجاز، أن المصائب التي تنزل على رؤوسنا تدلّ على ظلم الإله وأنه خلقنا لكي يعذّبنا ! وهو يُطلق هذا الادّعاء مُتسرّعا وقبل أن يُفكّر في الحكمة من وراء المُصيبة التي حلّت به، ويعتقد أنه ان لم يفهم غرض المصيبة، فإن ذلك يعني أن هذا العالم عشوائي، وينسى أو لا يفهم أن الحكم الإلهية لا يمكن أن تكون ظاهرة ومفهومة لإنسان يعيش في الزمان والمكان ! فالحكم الإلهية هي خارج الزمان والمكان، وتفكيرنا نحن ينحصر في الزمان والمكان وفي الآني واللحظي ولذا فلا يُمكننا معرفة الحكمة من الفعل الإلهي ومن القَدَر الإلهي، وكل ما نملكه هو مجرّد فرضيات تحتمل الخطأ أو الصواب، وبكل الأحوال علينا أن نكون مؤمنين بأن كل ما حلّ بنا وما يحلّ وما سيحلّ هو لصالحنا، إذ أنه لا يُعقل أن يكون من سخّر لنا كل هذه النّعم والتي لا نفلح في احصائها لكثرتها، قد أراد بنا سوءا، فكرمه في النّعم الحسّية يؤكّد كرمه في النّعم النفسيّة والمصيرية !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق