13.1.15

تعمليش حالك ملاك


"تعمليش حالك ملاك على الأرض وتخدعناش بلحيتك عمو الحج وتغطّيش على أعمالك بصلاتك وبالعمرة والحجة، وانت عامل اطوش مع نص البلد واذا جابو سيرتك الكل بهرب من قد ما عطالتك معبيّة البلد"

للأسف الشديد، التديّن السطحي الذي لا يلامس حقيقة التديّن بات ظاهرة متفشية في أوساطنا. وحقيقة التديّن تدور حول تهذيب النفس بمساعدة الشعائر، أي أن الدين يهدف الى جعل الانسان انسانا أفضل من كل النواحي. والفرضية التي نستند اليها في عملية اصلاح النفوس تتمحور حول فكرة اصلاح الداخل الذي يؤدّي الى اصلاح الخارج. فإن صلح عالم الانسان الجوّاني، فإن عالمه البرّاني سيصلح بالتالي، وهذا هو مراد التديّن.

أما التديّن السطحي فإنه يبدأ من القشرة ولا يصل حتى الى الجوف، ذلك أن نقطة بدايته كانت خاطئة، تماما كما أن التيار الكهربائي لا يسري في السلك لو كان رأسه غير موصولا بشكل صحيح بالكهرباء. ففي التديّن السطحي يبدأ الانسان بممارسة طقوس وشعائر بشكل أبله، دون أن يعيَ المراد والرسالة من هذه الطقوس والشعائر، ولينتهي به الأمر الى تكرار نفس الطقوس والشعائر من أجل تحصيل هدف لا يرقى الى الهدف الذي يرمي اليه التديّن الحقيقي. ومن الممكن أن يُردّد الانسان كلاما مُكرّرا في المراد من الشعائر دون ادراك معناه، ويمكنه أن يُسطّح الفهم الديني أو أن يُجهض الدين روحه وهو يسعى وراء الجزئيات. كما يمكن أن يضمر الانسان أهدافا دنيوية لهذه الأعمال الروحانية، وجلّ هذه الأهداف يمسّ الصورة الاجتماعية. فليس عجبا أن نجد من يُصلّي خمس صلوات ويصوم رمضان ويحجّ البيت ولكنه يسرق أموال الناس ويعيث في الأرض فسادا، وهو يقوم بهذه الشعائر ليُغطّي على فعلاته الشنيعة أو ليغضّ الطرف عنه أو لِيُشَرْعِن أعماله بمساعدة لباس القداسة فلا يعود أحد يجرؤ على مجابهته.

وليس عجبا أن نرى من يصلّي واذا سألته لماذا تصلّي أجابك: "لأنه ربنا قال صلوا"، ولئن حاججته اتّضح لك سطحية تفكيره الايماني. أنت: "لماذا أمرنا ربنا أن نصلي؟". هو: "لكي ندخل الجنة". ولئن أكملت لربما يتّهمك بالتشكيك في أهمية الصلاة! وليس هؤلاء الأشخاص من يؤمنون ايمان السليقة، ولكنهم يظنون أنهم ملكوا زمام المعرفة وأحاطوا بالحكمة من وراء الشعائر مما يودى بهم الى رفض كل تفسير جديد يُعرض عليهم.