20.10.12

مقال قصير بعد "طوشة" أولاد حارتنا: متى قُتلت الوحدة ؟!


لقد عزمتُ قبل أسابيع قليلة على كتابة مقال حول موضوع الوحدة الزائفة التي تدعو إليها الحركتين الإسلاميّتين الشمالية والجنوبية، إلا أن التسويف استحوذ عليّ في هذه الفترة، وخيرٌ ما كان، لأنّ ما حدث في الأيام القليلة الماضية أكّد لي المشروع الزائف الذي يدعون إليه، مما دفعني إلى المبادرة بكتابة هذا المقال المُقتضب.

ودون إسهاب في الحديث ودون تفصيل مملّ، فإن الحديث يدور حول مفهوم الوحدة، والذي هو من أساسيات العمل الإسلامي، فأمة الإسلام تسعى إلى إعادة هيكلة مفهوم الأمة الواحدة ولكن دون جدوى، فأين يكمن العيب يا ترى؟ هل في فهمنا لمفهوم الوحدة أم في تقصيرنا في الأخذ بالأسباب للوصول إليه؟ إن كان العيب في العامل الثاني فهو أمر مُتوقّع ولا يُزلزلنا بالدرجة التي يزلزلنا إياها العيب في العامل الأول، فالعيب في فهم الوحدة يعني خللا في الأفكار، ومن المنطقي أن يتبعه خلل في التنفيذ، باعتبار أن لكل فعل مجموعة أفكار تسبقه.
 
الوحدة كما نفهمها هي وحدة القلوب، وهي ما يتماشى مع الفطرة الحسنة والأخلاق الحميدة، فلا يصحّ للأحزاب وللحركات بأي حال من الأحوال أن تعمينا عن إبصار الحقائق، ولا يصحّ لنا أن نتعصّب لها ولا أن نكره من لا ينتمي إلى فريقنا، فكلنا أبناء أمة الإسلام تلك الأمة الواحدة، وبالطبع فإن ذلك يعني الكف عمّن قال بلا إله إلا الله. إذا فالوحدة لا تكون بجمع الحركتين في حركة واحدة، فلكل حركة كيانها وتخصّصها، وإنما يكون بجمع قلوب المسلمين تحت مفهوم الأمة الواحدة، فليس من الصواب إضاعة الجهود في جمع حركتين، وإنما الصواب جمع القلوب وهذا هو المعنى الحقيقي للوحدة، ويعني هذا أن تكون هناك تعدّدية حزبية مع منافسة راقية ودون تباغض وتكاره، وفي مواجهة القضايا المصيرية يتمّ جمع الجهود دون أي حرج أو تكلّف. 
 
يقول الشيخ القرضاوي في كتابه الاختلاف المشروع والتفرّق المذموم:

إننا نلحظ أن من يدعو إلى الوحدة هو نفسه الذي يقتلها، ولم تُقتل الوحدة إلا حين أساءت قياداتنا - التي من المُفترض أن تكون على مستوى عال من الثقافة وخاصة الدينية منها – فهم مصطلح الأمة الواحدة.