26.7.10

الندماء



وبينما الندماء جالسون في مكان لعين يرتشفون الخمرة ويتسامرون ويتضاحكون بأعلى أصواتهم إذ صرخ أحدهم : "اسكب لي كأسا أخرى يا عمر . إني لا اكاد أرى شيئا ولكني أريد المزيد " . من عُمر ؟ كأنه إسم مبارك يوحي إلى سامعه بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعمر المختار القائد العظيم رحمه الله ولكن شتان بين عمر الأمس وعمر زماننا . عمر زماننا يا حسرة عليه لا بل حسرات لم يقدّر حتى معنى اسمه ورضي بأن يعيش وهو منفصم الشخصية ولم يعلم أنه من عاش بوجهين مات لا وجه له . ولكنّ الأمل كبير وله أن يتوب من ضلاله القديم ما دامت روحه في جسده لم تتخط الحلقوم ولما شائت مشيئة الخالق أن لا تدري نفس ماذا تكسب غدا وأن لا تدري نفس بأي أرض تموت كان حقا على العبد الفطن أن يسبق ضوء الشمس ليستقيم على صراط الله . فإن أبى عمر واستكبر أن يكون من العابدين فإنه من الحري بنا أن نناديه بنفس اسمه ولكن مع تغييرين بسيطين وهما قلب الراء الساكنة ألفا مكسورة وفتح حرف العين ليتناسب الشكل مع المضمون . وإني أخبر ذاك الذي صرخ أريد المزيد من الخمرة أن جهنم تقول هل من مزيد وليعلم أنه كما صرخ في الدنيا سيصطرخ في النار . وعندما غابت العقول غياب الشمس في ليل سرمدي وشيد الشيطان مملكته الخفية في قلوب الغاوين وسبت إحساسهم ووعيهم ولم يبق سوى الغريزة الحيوانية التي أخذت تجول بهم يمنة ويسرة في غاب الإنسان عندها أُطلق العنان للغريزة الشريرة وفك اللجام عنها وأخذ الندماء يتبادلون أطراف تفاهة الكلام ويطعنون بكل شيء في الوجود ابتداءا بالله عز وجل وانتهاءا بأعراضهم وشرفهم الذي لم يحفظوه أصلا . إني والله أعجب كل العجب من هذا الإنسان الفاقد لوعيه فالإنسان بكامل وعيه وتركيزه لا يسلم من زلات اللسان والأخطاء في كلامه فكيف بمن ثمل حتى غاب عنه عقله ؟ وعندما ركب الندماء سيارتهم التائهة ورائحة الخمر النتنة التي فاحت بقوة معلنة اصطدام سيارتهم بعامود كهرباء عندها صاح من يسمونه عمر وهو يرتجف بكل جوارحه والدم منه ينزف ونفسه يكاد ينقطع من شدة الألم والخوف من المصير المخزي : لا ... لا أريد أن أموت الآن ... أريد أن أعيش كي أموت كريما لا ذليلا ... أأموت وأنا سكران ؟ كيف سألقى الله وأنا في هذه الحال ؟ يا ويلي ...
عندها قلت في نفسي يا الله ... كانوا قبل لحظات يلهون ويتمتعون ويلههم الأمل ويضحكون وهم الآن يبكون وينتحبون ويتألمون . كانوا قبل لحظات يقولون من أشد من قوة ؟ وهم الآن طريحي الألم لا يستطيعون التحرك ويستغيثون بالله لمّا مسهم الضر . كانوا قبل لحظات فاقدي عقلهم وهم الآن فاقدي عقلهم وجسدهم معا ! كانوا قبل لحظات ينظرون إلى المستقبل وهم الآن ينظرون إلى الماضي ! كانوا قبل لحظات يفكرون فقط في الحياة وهم الآن يفكرون فقط في الموت !
لم يدر الندماء ما حل بهم بعد حادث السير وطُبع على سمعهم فلم يسمعوا صافرة سيارة الإسعاف التي أيقظت القرية بكاملها معلنة الخطر وطُبع على أبصارهم فلم يروا كيف وصلوا إلى المستشفى ودخلوا إلى غرف الإنعاش وطُبع على قلوبهم فلم يشعروا بالأيادي المتوضئة وهي تعالجهم وتدعوا الله لهم بالشفاء العاجل . إن الله يمهل ولا يهمل ورحمته سبقت عذابه وهذه فرصة أخرى - وربما تكون هي الأخيرة - منحها الله للندماء بعد أن دب فيهم نفس الحياة من جديد .

أبجدية محمد صلى الله عليه وسلم



أيـا من بـعثك الله رحمـة للعالمينـا ... فأضئت سماء مكة شمسا وهديت التائهينا
برسالـة الإسلام جئتنا فكانت عزتنـا ... وبالقرآن العظيم أرشدتنا وطمئنت هلعنا
تـالله إنك لأنت الصـادق المصـدوق ... نبي من بني هاشـم وخاتـم المرسلينـا
ثـار العرب لما جهرت بدعوة الخـالق ... ألا ليتهم عرفوا الحق والصراط المستبينـا
جمعوا لك كيدهم وهموا بك بمكرهـم ... لم يسمعوا لنبيهم ونسوا مكر رب العالمينا
حبي لك واصل ما دق خافقي وصلاتي ... وأنا لمن عاداك مترصد لا أخاف لومة اللائمينا
خرت نظم كفر مجحف ساقطة مدوية ... فسبحان من يجيب دعوة المضطر والمظلومينا
دموع صحبك المخلصين عزة وشرف ... ودماؤهم الطاهرة في سبيل الله ترهب العدوينا
ذبلت شجيرة الكفر لما حكم الاسلام ... فمشارق الأرض ومغاربها أذعنت لنبي المؤمنينا
رب العزة أنزل جنده يوم بدر فغلبوا ... فلولا فضل الله ما ظفرت القلة بكثير المشركينا
زمن الطغاة ولى مندثرا هروب الكلاب ... فما بقي فرعون ونمرود ولا كسرى المجرمينا
سما الاسـلام بأهله حتى أعلى علييـنا ... ورمى بالكفار المنافقين إلى أسفل سافلينا
شرك بالله وقتل وربـا وشرب خمر زال ... توحيد لله وسلم وعفة وطهر حل للطائعينا
صوم رمضان مغنمة لا تشرى بالملايينـا ... وصلاة خاشعة تناجي فيها أرحم الراحمينا
ضاعت الأرض لما تخلى المسلمون يومـا ... عن أعظم دستور حكم به المصطفى الأرضينا
طال المشوار وعين الله بصيرة والمصير يتجدد ... كيوم أحد لما غنموا أذاقهم الغني عن العابدينا
ظل خير منتشر يأز شر المضلين المسيطرين ... فما أشبه جاهلية اليوم بالأمس والشياطينا
علم الانسان قطـرة في بحور علـم الله ... مـا لك يا إنسان غنى عن رب العارفينـا
غـار حراء حمى ثاني اثنين لما أيقنـوا ... أن بطش الله شديـد فوق بطش المغتصبينا
فارس أنت مغوار يا خالد وعمك حمزة ... للإسلام عز ودرع حمى به الله سيد النبيينا
قبور بقيع تحتضن خير رجال مؤمنينـا ... فلولا رسول الله ما كان لمكة قلب ولا شرايينا
كم نشتاق الى جنـة الخلد مع المتقينـا ... فلك ما لذت نفسك خالد متنعم والحور العينا
لا فيها بؤس والأنهار تجري والعيون نضاخة ... ونظر إلى الرحمان قمة نعيم وأنت من المكرمينا
ما كل ما يتمنـاه المرء في الدنيا يدركـه ... والجنة فيها من كـل منية وما ليس بأمانينـا
نعوذ بالله من نار تصلي جلود الكافرينـا ... وويل لمن ولجها والزقوم والحميـم للآثمينا
هي الدنيـا ندور فيها وتدور فينا ساعة ... ثم حياة الحق فإما نـار وإما جنة خالدينا
ولك مني نصيحة إن كنت شخصا لبيبـا ... تذكـر أنك مسلـم فلا تنس الله حينـا
يا من يسمع صرختـي اشكر ربك بأن ... جعلك من أمة طه وخصك بأبجدية خير المعلمينا

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة !



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... لنتأمل معا هذه السلسلة من الخطوات : أولا نبدأ بالتراب ومن ثم ننتقل إلى نطفة ومن ثم إلى علقة ومن ثم إلى مضغة مخلّقة وغير مخلّقة ومن ثم نقبع في رحم الأم تسعة ومن ثم نكون أطفالا ومن ثم نكون انسانا يفكر ويسير في ركب الحياة الدنيا . إن الحياة بهذا المفهوم هي عبارة عن سلسلة متتابعة من الخطوات المتراكمة المبنية التي تتتجه نحو هدف بعيد أو قريب فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ! لكي نبدأ الرحلة لا بد أن ننفذ الخطوة الأولى على أرض الواقع وعندها نكون قد تخطينا حاجز المبادرة ويبقى أمامنا حاجز آخر ألا وهو حاجز الإصرار لكي نستكمل الرحلة نحو الهدف المرجو دون إنحراف أو تعرقل أو تباطؤ أو تقهقر أو يأس . أساس حديثنا التنفيذ وليس مجرد الحديث أو التسويف أو التأجبل أو التأخير أو الإتكال على الغير وإنما عليك بالعمل بنفسك بمبادرتك أنت لأن الطريق أمام الإنسان يكون غامضا عن بعد أما عندما يبدأ بالسير فيه فيبدأ بالتجلي والتكشف أمامه , فكلما قطعت مسافة أكثر أضئت مسافة أكثر من الطريق وأيقنت أكثر أنك ستدرك الهدف المرجو أم لا . كقاعدة، الشيء البعيد عني غامض عادة والشيء القريب مني يكون مُعرّفا لأني أعرفه جيدا عن قرب . لذا نحتاج إلى أداتين أساسيتين لعبور الطريق بسلام وهما المبادرة والإصرار ... هذا غيض من فيض وترقبوا المزيد ...