6.10.12

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي/ مالك بن نبي

كتاب فكري من الدرجة الأولى، ثري ومثري ولكنه صعب في لغته وأفكاره، مما يتطلب من القارئ انكبابا تاما عليه أثناء قراءته، ولربما يحتاج إلى أكثر من قراءة حتى تبقى أفكاره حيّة داخلنا. لكنّ الجيّد في النسخة التي قرأتها أنها تحتوي على مختصر لكل فصل وإليكم مجموع هذه المختصرات:
 
 
 
 




 
 




بسيخولوجي! - الجزء الثاني

المرحلة التي تليها تشمل دمج مصطلح الـ"بسيخولوج" في حياتنا، حتى يصير الحديث عن الذهاب إليه أو التوجّه له حدثا طبيعيا، فيصبح الفرد يقول: "سأستشير بسيخولوجي في الأمر". إن ما نرنو إليه يبدو حُلُما بعض الشيء في مجتمع كمجتمعنا العربي، ولكن يمكن النظر إلى القضية بشكل مختلف، إذ أنّ الطبيب العام أو طبيب العائلة دارج في كلامنا وهو يُعالج الأمراض الجسدية، ولذا فمن المنطقي أن يكون الطبيب النفسي بالمثل لأنّ الفرق هو أن الثاني يُعالج الأمراض النفسية، ووفقا لهذا المنطق فإن المسألة مسألة وقت لا أكثر! لكن يبقى هناك قول شائع بين الناس أننا لا نحتاج أصلا إلى "بسيخولوج"، وعند بعض المتديّنين يظهر القول: أن القرآن هو علاجنا من كل مرض نفسي!
 
إن الرفض لـ "البسيخولوج" يشبه الرفض لأي عنصر من عناصر الحداثة ومثال ذلك هو رفض "الإنترنت" أو "التلفاز" عند بعض المتشدّدين. كما أننا نُجيب على من يدّعون أن القرآن هو علاج كل مرض نفسي بما يلي: إن الـ "بسيخولوج" هو حلقة الوصل وهو الوسيلة، مثله كمثل الطبيب العام فهو الوسيلة أيضا، وليس هو "الشافي"، فالله هو الشافي وكلامه تعالى في القرآن هو الشافي نعم، ولكنّنا نحتاج إلى من يُترجم كلام الله إلى طُرق علاج وإلى واقع عملي، ونضرب مثالا الصدمة الكبيرة التي حدثت عند اكتشاف الميكروسكوب عام 1595، إذ مكّنت العلماء لأول مرة من رؤية الجراثيم، التي ثبت بعد ذلك أنها المسئولة عن كثير من الأمراض. كيف ذلك؟! أليس الله (أو الشيطان) هو الذي يُنزل الطاعون والأوبئة بالبشر؟ إنها نفس الكرّة تعود لتظهر هنا، فكل مرة حين لا يجد بعض المتديّنين تفسيرا علميا يعجبهم، يرجعون ذلك إلى غيبيات لا يمكن فكّ لغزها، فهي أسهل الطرق للتنصّل من الواقع.
 
ما يُطمئن القلب أنه عندما يزيد الوعي لدى مجتمع معين فإنه من الصعب إرجاعه إلى الوراء في وعيه، فمن أدرك أنه مظلوم حقّ الإدراك فإنه سيستعصي على ظالمه القعود بهدوء لأن مظلومة فهم الوضع الذي يعيش فيه. إنّ إخفاء المشكلة النفسية الصغيرة يمكن أن تصل بصاحبها إلى درجات لا تُحتمل وعندها سينفجر البركان وربما يحدث ما لا يُحتمل عُقباه مثل حوادث الإنتحار والعنف، كل هذا بسبب التستّر والإنغلاق خشية العار!!! زد على ذلك أن مشكلة المجتمع العربي مزدوجة: فمن جهة واحدة الأفراد "فضوليون" ويحبّون أن يعرفوا ما جرى مع معارفهم وأن يتتبعوهم، ومن جهة أخرى هناك تكلّف إجتماعي يسعى لإخفاء أي زيارة لعيادة نفسية مهما يكن السبب.