4.9.13

القول الفصل !


كثير من كبار السنّ أو ممن ظنّوا أنفسهم أساتذة كبار بعد تحصيل قدر من العلم، يُصرّون على اطلاق القول الفصل الذي يحسم النقاش والجدال ويُجهز على خصوبة الحوار ويقضي على حيوية الفكر، ما لم تنتبه المجموعة الى هذا القول الفصل، وتحاول ادخاله مجدّدا الى حلبة النقاش بعد أن قام صاحبه بإخراجه، إما لأنه يريد أن يُريح نفسه من الجدال مع البسطاء وإما لأنه لا يريد أن يُغيّر قناعاته التي بناها على مرّ السنين وعلى أثر الخبرات المتراكمة، وفي كل ذلك كِبْر، إذ صحيح أن للخبرة حقّها وللسنين أثرها، ولكن طريقة عرض القناعات ينبغي أن تكون مرنة، بحيث يعرض الإنسان رأيه، ولا يتعصّب له، فهو واعٍ لضرورة النقد ولا يهمّه ان جاء النقد ممن يصغره في الجيل أو في العلم، فلكل جيل ولكل درجة علمية وجهة نظر ورؤية مختلفة ولو استمعنا الى هذه الرؤى لأغنينا مكتبتنا الفكرية، وان لم تُفدنا آراء الآخرين، فلن تضرّنا، وحسبنا أننا ساهمنا في فتح المجال للنقاش وبالتالي للتفكّر ولم نُغلق بابه بمجرّد اطلاق القول الفصل!

وحتى لو كنا مُتأكّدين من فضل رأينا على الآراء الأخرى، فلا ينبغي أن نفرضه على الآخرين فرضا، لأنه في الغالب لن يُقبل، ولو كان هو الأصح، ولكنّ الطريقة الأفضل هي الإقناع وعرض الأدلة والبراهين والحجج التي تدعم قولنا! ربنا جلّ وعلا يقول لرسوله الكريم رغم أنه جاء بالحقّ والصواب: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، ففرض الآراء بالقوة والإكراه غير واردين في قاموس مصطلحاتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق