1.10.12

زوجتي أيضا تتكلّم!


صخر: هل لي أن أسأل سؤالا؟
يردّ الأستاذ خالد (المشرف على الندوة) ممازحا: مع أنك قد سئلت، ولكن تفضّل!
يضحك الحضور فيستشيط صخر غضبا ويقول: اتقوا الله عباد الله، فإن الضحك ليس من الإسلام، يقول صلى الله عليه وسلم: "وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ" ...
يردّ الأستاذ خالد مقاطعا: أخي الكريم لا وقت لدينا، نحن أردنا ترطيب الأجواء بعد محاضرة الدكتور عمرو. تفضّل ما هو سؤالك؟
صخر: سؤالي هو لماذا نلجأ إلى نظريات التربية الغربيّة في حين أن عندنا كل ما نريد وهما كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام؟ صلوا على رسول الله يا إخوان!
الأستاذ خالد: اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، د. عمرو و د. هبة ما هو ردّكما على سؤال أخينا الكريم؟
د. عمرو: سأترك المجال لزوجتي هبة لتجيب على هذا السؤال لأنه في مجال تخصّصها.
د. هبة: حسنٌ، إن هذا الإدعاء قد ...
تثور ثائرة صخر ويقول: أنا أريد جوابا من الأستاذ عمرو!
الأستاذ خالد: هو دكتور وليس أستاذا فحسب، ثم إن الدكتورة هبة على دراية عميقة في هذا المجال لأنه ببساطة مجال تخصصها. تفضّلي دكتورة وعفوا على المقاطعة!
صخر: شكرا لكم، لا أودّ سماع الإجابة!
الأستاذ خالد: لكنك سئلت سؤالا؟!
صخر: أنا قصدت توجيه سؤالي للدكتور عمرو لأنّ ديني لا يسمح لي أن أكلّم النساء!
يضجّ الجمهور فيدخل رجال الأمن إلى القاعة ويحاول الأستاذ خالد السيطرة على الوضع قائلا: دعوه يُلقي بالجواهر العتيقة التي يحملها في فمه!
صخر: معذرة من الجميع، لكنّ ديني يُملي عليّ أن أنهى عن المنكر!
الأستاذ خالد: عن أي منكر تتحدّث؟ ثم ما هو دينك أنت؟
صخر: صوت المرأة التي تقف أمامي هو عورة، ووقوفها أمام الجماهير هو منكر آخر!
الأستاذ خالد: أطلب من رجال الأمن أن يُخرجوا هذا الرجل ليستريح قليلا فيبدو أنه متوتّر كثيرا.
د. عمرو: دعه وشأنه فهذا رأيه وهو حر به، ولا عيب في النقاش!
الأستاذ خالد: ألتمس منك ومن الدكتورة المعذرة على هذا الموقف.
د. هبة: لا حاجة للإعتذار، فقد سبق أن التقينا بمثل هذه النماذج التي تحمل عقولا مُظلمة، وهي التي لم ولن تُساهم في بناء مجتمع حضاري، فإن قلت لهم أننا اخترعنا تلسكوبا لنرى هلال شهر رمضان، ردّوا عليك أن هذه بدعة ولا يجوز استعماله لهذا الغرض، وإن سئلتهم عن حال أزواجهم، يقولون لك هنّ في البيوت لا يعرفن من أين تُشرق الشمس ولا كيف يبدو البحر، وإن سئلتهم هل هناك تعاون بينكم، يقولون لك لا تعاون وإنما أمر وطاعة، تلك هي المرأة الصالحة المطيعة طاعة عمياء لزوجها. هم لا يُدركون الحقيقة ويقولون دوما: لقد حسمنا قناعاتنا ولملمنا أوراقنا فلا تزعجونا بحقائق جديدة، وهم نصيّون، يتعاملون مع النص ببرودة، ويُغفلون المعنى الجوهري العميق. تلك الشريحة أنا أعرفها جيدا ولذا فإني لست مندهشة!
د. عمرو: فعلا، إن هذا الصراع يظهر في كل وقت وحين بين المُقلّدين والمُجدّدين، ولا شكّ أن التخلّف الذي أصابنا هو نتيجة حاصلة لوجود مثل هذه النماذج، لأنهم يبحثون عن طرق ملتوية ليصلوا إلى مبتغاهم حذرا من المنكر، فيُشدّدون على حالهم وينصبون الحواجز التي ما أنزل الله بها من سلطان في طريقهم ويتنطّعون بحجة إقامة الدين على أصوله، ولئن سئلتهم من أنتم، ليقولنّ لك نحن أبناء الفئة الناجية!
صخر: قبل أن أُغادر القاعة أودّ أن أقول أني ما زلت متشبثّا برأيي وأنا على يقين أن هذا هو الحق ولكنه زمان الغرباء!
الأستاذ خالد: لكن لمَ قدمت إلى الندوة إن كنت تمقت كلام النساء في التربية ومع أننا نشرنا البرنامج قبل أسبوع كامل؟
صخر: هي ضرورة طلب العلم النافع دفعت بي إلى هنا، ولعلمكم أنه وقت محاضرة الأخت الواقفة أمامي كنت قد خرجت لكيلا أُفسد ديني! (يقولها ويخرج من القاعة)
الأستاذ خالد: نأسف على كل ما حدث، ونطلب من الحضور إلتزام الصمت لإستكمال فقرة الأسئلة.
د. هبة: لكن قبل أن نأخذ سؤالا آخر أريد أن أجيب على سؤال الأخ المنسحب. كنت قد بدأت قولي أن هناك تحفّظ دائم عند المتديّنين المتشدّدين على كل إنتاج غربي، وأقول أن من يشتري سيارة ألمانية لأنها تفيده وتُقلّه من بيته إلى عمله أو إلى المسجد، عليه أن يكون مُستعدّا لإستقبال أي نظرية من شأنها أن تُفيد البشرية. ولأنّ المسلمون في أيامنا تركوا مهمة التفكير والإنتاج إلى غيرهم ولم يُعملوا فكرهم في فهم ودراسة العلوم انطلاقا من النص المقدّس، كان حتما علينا أن ننهل من بحور الغرب ما ينفع أمتنا ونترك إختراعاتهم السلبية لهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق