28.7.10

رهبة علم النفس !



إن للمجتمع المحيط بالإنسان وللبيئة التي يعيش فيها أثر جليل في بناء بني البشر وبناء تصوراتهم عن ما يحيط بهم وفهمهم للحياة وطريقة حياتهم بشكل عام . عندما نتكلم عن أمراض النفس في المجتمعات العربية خاصة فهم يتعوذون منها كما يتعوذون من النار ويرون بها كارثة كبرى ومصيبة لا نهائية ويقرنونها مباشرة مع مستشفى المجانين والحقيقة أن هذه الرهبة والخوف الزائد هي نتاج بناء إجتماعي وهي ليست طبيعية ومفهومة ضمنا . لجميع البشر يوجد مركبان أساسيان وهما جسد ونفس فالجسد يرتبط بالأشياء المعنوية المحسوسة والنفس ترتبط بالأشياء النفسية والرأي الشائع أن بينهما تأثير متبادل فالجسد عند المرض مثلا يؤثر على النفس فيجعلها متعبة والنفس عندما تكون كئيبة مثلا تؤثر على الجسد وتجعله مرهقا . هناك حالات يخرج فيها الجسد عن مسار عمله الطبيعي ليدخل في حالة المرض وعندها نذهب على الأغلب إلى الطبيب ولا نخجل عادة إذا صادفا شخص ما أن نقول له إننا مرضى وإننا ذاهبون إلى الطبيب بل على العكس فإننا نتعمد القول لننخف من عنائنا ولنجعله يقدر وضعنا الصعب والحقيقة أن هذه الصراحة لا تكون في كل الحالات إذ أن الأمراض المزمنة تجعل الناس يرتدعون في الكلام وعندها يحاولون إخفاء أمرهم وربما السبب في ذلك أن الناس يعتقدون أن الشيء السلبي المستمر هو عار وحمل كبير أما الشيء السلبي المؤقت فهو من طبيعة الإنسان العادي وليس عجبا وكل إنسان يمر بمثل هذه الأمراض المؤقتة لذا فهو أمر طبيعي في نظر الناس . كما أن للجسد حالات يخرج فيها عن عمله الطبيعي كذلك الأمر بالنسبة للنفس الإنسانية فلها حالات خاصة بها تعرف بالمرض النفسي ولها علاجات وأدوية كما للأمراض الجسدية ولكن ما يجعل المرض النفسي مرهبا لدى الناس هو أولا كونه في أغلب الحالات حالة مزمنة تحتاج إلى علاج متواصل وثانيا كونه غير منتشر بشكل واسع في المجتمعات الإنسانية وثالثا كون المرض النفسي بعيد عن الشيء المحسوس الملموس وإنما هو مجرد شيء داخلي وباطني فالشيء البعيد عن حسي مخيف عادة ورابعا إرتباطه الوثيق بالعقل البشري وهو العلامة والدرجة التي تكرم بني البشر وتجعلهم فوق الحيوانات وترفعهم عنها فإذا ذهب العقل أو أصيب ذهب الإنسان وتلاشت رفعته العقلية . المشكلة الكبرى في مجتمعاتنا العربية هو ربط هذا العلم السامي ( علم النفس ) برابط مباشر مع أمراض النفس والحقيقة أن أمراض النفس هي جزء من هذا العلم الواسع وليس كل من ذهب إلى طبيب نفسي فهو يعاني من مرض نفسي فعلم النفس يعالج تحسين طرق الحياة وإرشاد الناس إلى الطريق الصواب وتعليمهم أسس النجاح في الحياة والتقدم والأمل ولإكسابهم الأدوات لفهم ذاتهم ونفسهم وفهم نفوس الآخرين دون أن يكونوا قد وقعوا في دائرة أمراض النفس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق