3.2.13

طرفا النهار: ما أعجبهما !



طرف قُبيل شروق الشمس، في ظلمة الفجر، في برودة الصباح، في نقاوة الهواء، وأهم من كل ذلك، في وقت صفاء الذهن بعد نوم هنيئ. إنها اللحظات التي تفتتح فيها صفحة جديدة من مفكّرتك، وهي نفسها اللحظات التي تعصف بك فيها أفكار شتى على أمل يوم مُختلف، لكنها مع ذلك تبقى لحظات البداية ولأنها كذلك فهي خالية من الخلفيات، متّصفة بالصفاء والنقاء، ملاصقة لراحة البال والأمل، وغنيّة بالتفكّر: لماذا أعيش؟ ما هو هدفي؟ وهل أنا في الطريق الصحيح؟
الطرف الآخر هو طرف ما بعد هبوط الليل، عندما يغشى الليل النهار، ايذانا باقتراب نفاذ الأسطر القليلة التي بقيت في صفحة اليوم نفسه. إنها اللحظات التي يرجع فيها الإنسان من مجتمعه محمّلا بذكريات. إنها اللحظات الثقيلة المثقّلة التي فيها يراجع الإنسان حساباته: مع من أخطئت اليوم؟ هل قصّرت في شيء؟ كيف يمكنني التحسين من أدائي؟ هل أضعت جزءً من وقتي؟ إنها لحظات النقد الذاتي وأيضا لحظات الرضى على ما تم أداؤه، فهو شعور مختلط يجمع بين ذم النفس على التقصير، والمدح على صحيح التنفيذ.
فسبحان من قال في كتابه: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" (هود، 114).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق