31.7.13

الاغتراب!


"الحكومة كافرة ! الشعب كافر ! الغرب سيذهب الى الجحيم ! أمريكا كافرة ! أوروبا كافرة ! دول الخليج أذناب لأمريكا ! الأحزاب العربية لا تحب الاسلام ! الرجال ليسوا ملتحين ! النساء لسن منقّبات ! الجيل الصاعد جيل فاسد ! الأكل مشكوك في أمره ! المشرب مشكوك فيه ! الكل يتآمر ضدنا ! الكل سيخدعنا ! الكل سيُطيح بنا ! الكل لا يحب الاسلام ! الكل عدو الله !"

والسؤال الذي يتوارد الى الذهن: كيف لحياة كهذه أن تُطاق ؟ لكنها ليست هي الحياة الأبدية، انها مجرد حياة دنيا ولذلك فيها الشقاء والتعاسة وسنذوق فيها الأمرّيْن، وستكون الحياة الأخرى هي الجنة بإذن الله. لكن، كيف يمكن لداعية أو شيخ يحمل هذا القدر من الكُره للعالم الذي يعيش فيه، كيف يمكن له أن يهدي الناس ؟ كيف يمكن له أن يُغيّر العالم ان كان لا يطيق فردا منه ؟ هل ستصفّق يد واحدة ؟ وان كان لا أمل من هذا العالم، فلماذا سيسعى الى التغيير ؟! الأفضل وفقا لهذه الرؤية أن ينجو بنفسه وعشيرته الأقربين ويذر الآخرين في ضلالهم وكفرهم !

واضح لنا أن هؤلاء الإسلاميين يتّخذون موقف الضعيف والمتّهم الذي يسعى الكل للإطاحة به، لكن الحقيقة غير ذلك، اذ أنه من غير المنطقي أن يكره كل العالم دين الاسلام ! وما الذي فيه حتى يكرهه الكل ؟ انه شرع الله فهل يُعقل أن يكرهه أغلب أهل الأرض ؟ وهل يُعقل أن يخطّط كل العالم لطمس معالم هذا الدين ؟ ان الحقيقة غير ذلك، فأوروبا اليوم تعجّ بالإسلاميين، وليس كل حليق لحية وليست كل من لم تلبس النقاب تكره الإسلام، فعلى العكس، ربما حليق اللحية ذاك يحب الاسلام أكثر من أكبر الملتحين، وهناك الكثير الكثير من غير المسلمين ممن يحبّون هذا الدين أو على الأقل لا يكرهونه !   

انه موقف المُغترب الذي يرى كل الأصابع موجّه اليه، فإن قال أحدهم كلمة غير مفهومة عن الإسلام، أو أبدى رأيا آخر، أو سأل سؤالا عن الدين، فإنهم سيسارعون الى القول: انه يكره الإسلام، انه ضدّنا ! ولا شكّ أن هناك مؤامرات ونوايا سيئة تحيق بكل دين وبكل فكر، ولكن ليس كل ما يفعله الآخر هو مؤامرة ضدنا، وعلينا أن نكون واعين لما يُخطّط له من وراء الظهور، ولكن علينا أن نتحرّر أيضا من وجهة نظر الضعيف، المُغترب والمتّهم !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق