23.2.14

الجمع بين الأضداد


في النظرة السطحية القاصرة، يصعب رؤية التركيبة والتأثيرات المختلفة والتي تظهر كأنها متضادة في أحيان كثيرة. ان هذه الحياة مركّبة بطبيعتها وكل محاولة لتبسيطها تؤدّي حتما الى اختزال الصورة والى الابتعاد عن الواقع، لكننا نضطر الى ذلك في أحيان متقاربة وذلك لغرض التبسيط ومحاولة بحث بعض جوانب الظاهرة بصورة علمية (منهج البحث العلمي). لكن المشكلة الأساسية تكمن في محاولة التغافل عن التركيبة وعدم الوعي لإمكانية تواجد جوانب مختلفة للظاهرة (أحيانا مُتناقضة). النظرة القاصرة للإنسان تفترض أنه مُسطّح، فإما هو صالح وإما طالح، إما خيّر وإما شرير، إما كريم وإما بخيل، لكن اذا قلت أن عنده نزعة الصلاح ونزعة الفساد، عنده ميل للكرم وميل للبخل، عنده حبّ وكره، صَعُب ذلك على الفهم والاستيعاب.

على سبيل المثال، اذا قلت أنك تحبّ شيئا وتكرهه في ذات الوقت، أو أنك تحترم شخصا وتحتقره في ذات الوقت، أو أنك تفرح وتحزن لنفس الشيء، رأيت كثيرا من الناس ينظرون اليك بعيون مُبهمة، ولربما يدفعهم ذلك الى رميك بالتهمة التقليدية: "ما ترسالك على برّ، وضّح حكيك، خلينا نفهم شو موقفك، انت شكلك متردد وبتعرفش اتحدد موقفك". لكن هذه هي الطبيعة البشرية، انها مركّبة! فيمكن أن تحبّ نفس الشخص لأشياء وأن تكرهه لأشياء أخرى، وربما يطغى أحد الإحساسين على الآخر ولكن يبقى الآخر متواجدا في الخلفية، في اللا واعي، إلى أن يُؤذن له فينفجر في أزمة بين المحبّيْن.

في هذا الصدد يطيب لنا أن نقتبس قولا من كتاب التخلف الإجتماعي للدكتور مصطفى حجازي مفاده أن:





أي أن الجوانب المتعدّدة للظاهرة والمتناقضة في أحيان كثيرة، هي التي تُنتج لنا الصورة التي نراها للظاهرة. فالإنسان الذي نلقاه ونتحدّث معه ونقول أنه: كريم وشجاع لكنه متكبّر، تعتمل في داخل لا وعيه قوى شد وجذب من شأنها أن تُنتج لنا الصورة التي نرى فيها الشخص، كما أنه عند تحضير كثير من أنواع الطعام، نُدخل أحيانا أطعمة متضادة، مثل ملح وسكر، حامض وحلو، لتنتج لدينا ظاهرة أكلية جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق