22.8.15

أتعيبني العربية ؟


ما إن شغّلت تلفازي حتى انتُهك احساسي وصرت لوحدي أقاسي همّ أُناسي! أيريدون اقتلاعي من أساسي؟! ويهنئ حسّادي اذا ما انتهك احساسي وأناسي! هي لعبة الكراسي تقتل كل أناسي، تشجّ رؤوسهم، تُمزّق شرايينهم، تمتصّ دمائهم، تغتصب أرواحهم وأنا وحدي أقاسي همّ أناسي مع تلفازي!

تعوّدنا - وبئس بها من عادة – على تفجيرات في العراق، وسئمنا – وبئس بها من سآمة – الاشتباكات في سوريا والانتهاكات في مصر والتشرذم في لبنان وسكرة الخليج وفُرْقَة فلسطين! أهي أرواحنا نحن العرب رخيصة؟! فإن لم تكن فلماذا انتهكناها؟! ألا نعرف الا القتل؟! فإن لم نكن فلماذا نقتل ونقتتل؟! ونجعل من أراضينا مسرحا ومن أنفسنا ممثّلين مجرمين ومن ثقافتنا مسخرة ومن ثرواتنا مشاعا والعالم يشاهد المسرحية ويأكل "بوبكورن" ثرواتنا ويصفّق لنا اذا ما انتهى عرض كيّما نستمرّ في تسليته! ألا يعرف تلفازي نوعا آخر من أخبار عن أناسي؟! انه صار كابوسي الصباحي المسائي وأنا وحدي أقاسي همّ أناسي ويهنئ حسّادي!

أذهب الى مدرستي وبعد ذلك الى جامعتي علّي أجد ما يُرطّب أنفاسي فلا أجد هناك أناسي! يُحدّثونني عن نيوتن وآينشتاين ونيتشه وماركس وفرويد وداروين! لا أجد من أبناء عمي ولا من أبناء خالي ولا من جيراني من يسمّونه واحدا من هذه الأسماء! لماذا لا يُحدّثونني عن خالد، عن عمر، عن قاسم؟! لكنهم حدّثوني عن أناسي بصيغة الماضي ... يقولون لك: كنا، اخترعنا، أنتجنا ... وما بالنا لا نكون، لا نخترع، لا ننتج ؟! مللت الماضي المجيد والحاضر يشجبني، يلقيني في أسفل سافلين! هرمت من الماضي السعيد والحاضر يُحزنني، يمقتني، يحرقني! وعيت الماضي الوردي غيبا والحاضر يقلقني ويقلقني! ألا تبّا لصيغة الماضي!

واذا بحثت عن مقالات تُسعف أطروحتي العلمية، فإني نادرا ما أجد هناك أناسي ... وأسلّي نفسي باسمي على الأطروحة نيابة عن أناسي رغم أني أكتب وأنا أقاسي ... واذا ما اقتنيت لعبة صغيرة لوليدي أو حذاء أسير به على أرضي فلا أجد هناك أناسي ولكن عبارة صارت تأتيني في أحلامي وأوهامي "صُنع في الصين" ... واذا ما بحثت عن سيارة ما خطر على بالي الا اليابانية أو الألمانية وكثير من قريناتها الأجنبية! هل يعجبني أني لا أجد أناسي؟! أم هل يعجبنا؟!

وحدّثتني نفسي أن أفرّ من لغتي وأناسي! فهل كُتب عليّ أن أقاسي؟! والى متى سأظل أعاني من عربي وأناسي؟! أأظل متهما لأني عربي في زمن قاسي؟! أأظل ذيلا لأني عربي في زمن المآسي؟!

وحدّثتني نفسي أن أشرب كأسي لأبقى ناسي! ومالي لا أهنئ بـ"الشيشة" ولمَ لا أسمع الموسيقى الهادئة! لمَ لا أقتل احساسي؟!

لكني حدّثت نفسي حديثا لن يحرمني بعدُ من أناسي! هي المآسي وهي الصعاب سأعيشها معك يا لغتي ويا هويتي ولن أترككم دوني يا أناسي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق