27.4.13

أمة رفعت العمل وأسقطت القول!

من غرائب هذا العصر أنك تجد من يُقيّم الانسان أو أي حركة أو جسم وفقا لكمية الأعمال، في حين أن الأقوال والأفكار لا تكاد تسوى شيئا وفقا لهؤلاء، فإن أرادوا ذم واحد يقولون: "هو بس شاطر في الحكي"! بينما في ديننا الحنيف يأخذ القول مكانة راقية، فكلنا محاسب على ما يقول بلسانه، والغيبة والنميمة هي كبائر يرتكبها الانسان بقوله، والتسبيح والتهليل هي أيضا أقوال، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". لكن القول يختلط عادة بالعمل ولا يوجد هناك حد فاصل واضح بينهما، فلكي تُرزق بلسان ذاكر مسبّح ينبغي أن تعمل وتقيم الشعائر والتسبيح بدوره أيضا يدفعك الى اقامة الشعائر.
 
وقبل أي عمل لا بدّ أن تكون هناك مجموعة من الأفكار والأقوال لكي يتمّ تنفيذه على أحسن وجه، فالعفوية التي ابتلينا بها لن تنفعنا على المدى البعيد، ولا بد لنا من القول والمناقشة وتبادل الأفكار قبل الأعمال، ولا يجب الاستعجال في التنفيذ لأن التفكير وحسن التخطيط سيُوفّران علينا وقتا وجهودا. ثم ان هناك مهنا واختصاصات أساسها القول وذلك لا ينتقص من قيمتها الا في مجتمع أسقط قيمة القول، فالمفكّر والفيلسوف سلاحه القول والأفكار، ورجل الدين كذلك، والمُدرّس والعامل الاجتماعي والاخصائي النفسي وغيرهم. اضافة الى ذلك، يمكن أن ننظر الى القول كعمل، فهو ناجم عن سلسلة تفكيرية وهو نابع من ارادة الانسان في الغالب، وبالتالي يمكن أن نفعل القول، كما أن القول لا يمرّ في أغلب الأحيان ككلام جاف وانما يرافقه شيء مهم جدا وهو الاحساس والشعور وهو أيضا فعل بحد ذاته! آخر القول أنه لا يجب علينا أن نبخس القول، لأن للكلمات تأثير وللكلمات قيمة، واذا لم تقتنع الى الآن فحاول أن لا تتخيّل حصانا، فان لم تتخيّله فاعلم أنك على حقّ وإلا فلا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق