18.5.13

بين الاستبداد والشورى...

الاستبداد متجذّر فينا وأغلبنا يحب السلطة، فما ان يستقلّ أحدنا منصبا حتى ينسى ماضيه الوضيع وينبهر بالمنصب، ويتحوّل من اللين الى الشدّة لئلا يستخفّ به الناس وليعملوا له ألف حساب، ويترفّع عن محاورة ومناقشة البسطاء لأنه بذلك يفتح المجال للفوضى وللتعدّي على مسؤولياته، وهو مستعدّ للتمسك بالمنصب مهما جرى لأنه حُمّل مسؤوليات وعليه أن يحفظها بكل ثمن، فالتنازل عن الكرسي غير وارد لأنه يُرى كضعف وكفشل وهذا يمسّ شرف المسؤول في حين أن شرف البسطاء يمكنه أن يُمسّ جهارا نهارا! باختصار نحن نحب أن نرى المنصب كتشريف وكتحقيق لذاتنا! وفقا لهذا المنطق فان الرئيس مستعد لأن يُصدر القرارات لوحده وهو ليس بحاجة الى من يساعده والى من يستشيره لأن الاستشارة تُقلّل من هيبته أمام الناس، وأيضا الأب في بيته لن يستشير زوجته وبالتأكيد لن يستشيرها أمام الناس ولن يستشير أولاده لأن ذلك سيقلّل من هيبته ومن قيمته أمام العائلة، فهو الحاكم وهم المُنفّذون.
 
أما اذا اعتبرنا المنصب تكليفا وليس تشريفا، فإننا عندها سنضع جانبا أنفسنا وهيبتنا وقيمتنا، لنفكّر بالاطار الواسع الذي كُلّفنا فيه، وآنذاك سنكون جاهزين لسماع الآراء وللأخذ بالشورى، وفي أحيان معينة سنكون جاهزين للاستقالة اذا لم نُنفّذ وظيفتنا على أحسن وجه، لأن المهم هنا ليس هيبة المسؤول وانما حال الرعية! ففي اطار العائلة لا يمكن أن يُصدر الأب فرمانا وقرارا جاهزا يُلزم به كل أفراد العائلة دون أن يرجع اليهم، لأنه من غير المنطقي أن يُقرّر لابنه ماذا سيتعلّم ومن غير المنطقي أن يُقرّر لابنته من ستتزوّج، وانما القاعدة الذهبية التي يجب أن نعقلها ونُطّبقها هي الحوار والنقاش مع أفراد آخرين يخصّهم الأمر قبل اتخاذ أي قرار، وكل قرار يتم اتخاذه دون حوار ونقاش واستشارة هو استبدادي ولا يمكن قبوله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق