18.5.13

كيف تكون الثورة على التقاليد؟


مما لا شك فيه أننا نتوارث بعضا من التقاليد الحسنة وبعضا من التقاليد والعادات السيئة وأخرى غير معروف أصلها وغير مفهومة دلالتها للجيل الجديد. والحسن أو القبح يُحدّده الفطرة والمنطق والدين، فمثلا، عادة اكرام الضيف واستقباله بأبهى طلّة هي شيء حسن، ولذا لم يأتِ الاسلام ليُعلن اجتثاث كل ما كان سائدا وانما جاء ليُقوّم البُنيان مُعلنا على لسان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام: "انما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق". أما تلك التقاليد المُخالفة للدين وللمنطق وللفطرة الحسنة فهي مرفوضة ولا يهمّنا ان ألقينا بها عرض الحائط ولو كانت من تاريخنا ومن تراثنا، فمثلا، تقاليد التبجيل الزائد للملك أو للرئيس أو لكبير العائلة ومن بين ذلك القيام له والتصنّع أمامه وتقبيل اليد والرجل، كل ذلك مرفوض لما فيه من تقديس ومن تعظيم لبشر يحتمل أن يخطأ ويصيب، ومما زاد الطين بلّة أن الشخصية المُبالغ في تبجيلها كثيرا ما تكون قاصرة في الثقافة والعلم وربما تكون شخصية أميّة، فاحترامنا واصل لكل الناس وخاصة لكبار السنّ، لأنهم أعطوا وقدّموا ومنهم نأخذ خبرة حياتية غنية ولكن لا ينبغي أن ننزلق الى تقبيل اليد والرجل والجبين.
 
ثم ان عادة تقديم معيار السن على الكفاءة هي عادة بائسة، فتجد من يُفضّلون قيادة كبير العائلة، بدلا من الشاب المُثقّف الأكثر كفاءة، ونرى ذلك في الإمامة والإدارة وحتى في الجلسات العائلية. عادات أخرى يمكن أن تكون غير مفهومة للجيل الجديد، فمثلا، عادة وضع اليد على الصدر عند سماع النشيد الوطني أو ترديد كلمات تقليدية مثل: "أوف" و"عتابا". هذه العادات تحتاج الى بحث ومحاولة لفهم مدلولاتها، فان اقتنع الشخص بها فليُنفّذ والا فلا ينبغي على العاقل أن يكون كقطيع الغنم، يُنفّذ ما نفّذه الآخرون دون فهم ودون بحث! رغم ذلك أحيانا وفي سياقات معينة نكون غير مُقتنعين بالعادة ولكن لتفادي احتكاكات طويلة وخلافات نضطر الى المداراة، وهذا التصرّف أو ذاك يرجع الى ما يراه الشخص مناسبا في كل حالة. خلاصة القول، أننا لا يجب أن نرفض العادات والتقاليد جملة وتفصيلا، وانما أن ننتقي منها ما يستقيم مع الدين والمنطق والفطرة الحسنة، وبكل الأحوال لا ينبغي أن نكون كالأمّعة الذي يُنفّذ قبل أن يفهم وقبل أن يبحث عن المدلولات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق