28.5.14

سخافة استنتاجنا !


"اذا قال راي ثاني غير راينا فبالتأكيد هو ضدّنا"

"اذا اغتصبوها معناها بالتأكيد هي اللي كان ممشاها مش منيح"

"اذا ما أبعدليش معناها شايف حاله علي"

"اذا ما ابتسمليش معناها مش طايق يشوفني"

مثل هذه الاستنتاجات المتسرّعة يمكن أن يؤدّي الى ما لا يُحمد عقباه! مثل هذه الاستنتاجات يمكن أن يؤدّي الى كوارث، رغم كونها أقرب الى الخيال منها الى الواقع! أقل ما يقال عن هذه الاستنتاجات أنها متسرّعة، غير مؤسّسة، ظنّية، وبالتالي ستكون في الغالب غير صحيحة، خيالية وغير واقعية. ومع ذلك يمكن أن تؤدّي الى كوارث! فإذا اعتبرنا كل اختلاف في الرأي هجوما وعملا "ضد"، فإننا سنقمع صاحب الرأي المُخالف وسنقمع رأيه، والقمع يتّخذ مناحٍ عنيفة، بدءا بالتأليب ضد صاحب الرأي المخالف وانتهاءً بمحاولات لقتله أو للنيل من أهله ومقرّبيه. ان مثل هذا المجتمع لا يمكن الا أن يكون عدوانيا بالدرجة الأولى، فقمع الرأي والرأي الآخر، هو مسّ صارخ بحريات الانسان وأداة المسّ التي تُستعمل هي العدوانية والعنف. واذا استنتجنا على كل بنت تم اغتصابها أنها المُذنبة بالضرورة، فإننا نظلم البنت مرّتين، مرة عند اغتصابها ومرة عند اتهامها بما لم تفعل (معاملتها كمجرمة في حين كونها ضحية). واذا استنتجنا على كل من لم يُخلِ لنا الطريق، أنه متكبّر علينا، فإننا نولّد مشاعرا سلبية (كراهية وحقد وغيرها) غير ضرورية ونظلم الشخص الذي قبالنا. لماذا لا يخطر على بالنا أن من لم يبتسم لنا ربما يمرّ بظروف صعبة تُعكّر صفو مزاجه وتجعله حزينا لتمّحي البسمة عن وجهه لا اراديا؟! ولماذا لا يخطر على بالنا أن هذا هو طبعه وليس موجّها ضدّنا بشكل شخصي، فهو دائم "الكشرة" أمام الجميع؟! ولماذا لا يخطر على بالنا إذ لم يخلِ لنا الطريق، أنه ربما عنده أمر طارئ يدفعه الى الاستعجال؟! لماذا نستعجل الاستنتاج؟! لماذا لا نعطي الفرصة لعقلنا ليلتمس الأعذار، الأسباب الأخرى، الصورة المركّبة؟! لماذا نحسم استنتاجاتنا من أول نظرة؟! هل لنظنّ أنفسنا أذكياء، نبهاء، لا تقهرنا أي ظاهرة (حتى الظاهرة الانسانية)؟! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق