12.4.14

من ذا الذي يستغرب انحباس الأمطار ؟!

القتل مستفحل، لدرجة أنه بات مظهرا من مظاهر الحياة في بعض الدول (سوريا، مصر، العراق)، رائحة الدماء، الأرواح البريئة التي تُزهق، الكره، الحقد، العدوانية. أين الحب في الدول العربية؟ أين الإنسان؟ والاستعمار جاثم على صدورنا وهو يسعى للحفاظ على هيمنته ومصالحه وابقائنا على جهلنا وهمجيتنا، وقسم منا يتعاون مع هذا الاستعمار بشكل علني أو غير علني، بشكل واعٍ أو غير واعٍ. هؤلاء المتعاونين يُسلّمون ثروات البلد للمستعمِر، يُساندونه في سيطرته ويتآمرون معه (مع المستعمر) ضد اخوانهم. هذا الاستعمار هو في الحقيقة استعباد، إذ أنه يبخس قيمة انسان العالم الثالث، وبالتالي يُبرّر استباحته واستباحة ثرواته وكل المؤامرات ضده. انه استعمار يقسم العالم الى فريقين: الأقلية المُسيطرة والأغلبية المُسيطَر عليها، المغلوب على أمرها! ومن ثم نسأل أين العدل في هذا العالم؟! انه فعلنا وخيارنا نحن بني الانسان! 

ولنسأل: هل نستحقّ المطر أصلا؟ أينزل علينا هذا الخير ونحن نرفع الشر الى السماء؟ أينزل لكي تختلط طهارته، نقاؤه، صفاؤه مع قذارة الدماء المسفوكة، فينتزع لونه وتذهب رائحته؟ أينزل لكي يروي القاتلين الظالمين فيزيدوا من فُحش قتلهم؟ انها تفسيرات الجزاء والعقاب ولكنّ التفسيرات المادية تُكمّلها أو تتوافق معها! ان ما يشغل الأمة العربية في أيامنا هي حاجات أساسية، مثل الأكل والشرب، الأمن والأمان، الراتب... وحيث هناك ثورات، هناك انشغال بقضايا أساسية، مثل الحريات والمساواة. ان كل هذا الانشغال بهذه الأشياء والقضايا الأساسية يمنع بالتالي التفكير في ومراعاة أمور أكثر تطوّرا وأكثر تركيبا (والتي لا شكّ أنها تصبّ في مصلحة الانسانية ككل)، مثل، المحافظة على البيئة. لو سألت أحدا من العالم العربي: هل تهتمّون بإعادة انتاج منتجات البلاستيك والورق، لسخر منك وقال: "نحن ما زلنا نُطالب بالأساسيات كالحريات والمساواة والعيش الكريم، الكماليات هذه ليست بالبال". القتل يأتي على حساب تطوير الانسان، فبدلا من بذل الطاقات الانسانية في سبيل تطوير العلم وأدوات العيش، تذهب الطاقات الى ما يساهم في هدم الانسان، الحضارة، أدوات العيش والعلم. صحيح أن الغاية بعيدة الأمد تستحقّ التضحية ولكنّ هذا لا ينفي انشغالنا بالأساسيات وعدم تفرّغنا لما نسمّيه كماليات. ان من بين هذه الكماليات أنه ينبغي الانتباه الى كميات الغازات السامة المنطلقة من البلد حتى نحافظ على طبقة الأوزون الجوية، فهل الانشغال بالقتل والاستعمار، يُتيح المجال لإنسان العالم الثالث أن ينتبه لهذه الأمور، وهل ذلك يتيح المجال لمراقبة الدول الصناعية العظمى (نظرا لأن الأضواء مُسلّطة على العالم الثالث)؟ ان هذه الأضواء تسمح للجلاد (المستعمِر) أن يمرق من تحت عين الرقيب وبالتالي تساهم الإنسانية في تدمير نفسها، وتدمير كوكبها، من خلال تدمير طبقة الأوزون، مما يزيد من ظاهرة الدفيئة (ارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض، حالات طقس متطرّف ...). فهل ما زلنا نستغرب انحباس الأمطار؟! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق