12.4.14

الاعتزاز بالأنا

في مساق بعنوان "معنى الحلم" أثناء دراستي للّقب الثاني في علم النفس، طُلب مني أن أسرد على المشاركين حُلُما من أحلامي، فما كان مني إلا أن تشبّثت بحُلُم واحد عزيز على قلبي لعظم معانيه وارهاصاته. بدأت حديثي حينما قلت أني قبل أن أدخل في تفاصيل الحلم، أودّ أن أعطي خلفية ومُقدّمة تساعد المحاضِرَة والطلاب الآخرين على فهم الحلم بصورة أفضل، فأنا العربي الوحيد بين الآخرين اليهود. أخذت أحدّثهم عن صلاة الجمعة ومبناها الأساسي، وكيف أنها تتكوّن من خطبتين، وما يليها من صلاة خلف الإمام والذي نتبعه بحركاته، وبيّنت أنه هو الذي يقرأ القرآن وقت صمت واستماع الجميع لتلاوته. كل تلك كانت مُقدّمة ضرورية للحلم الذي حدث في المسجد أثناء صلاة الجمعة. ثم أخذت أسرد الحلم، وخلال سردي له، كانت تأتيني أسئلة، تُظهر اهتمامهم بما أقوله، لدرجة أن تركيزهم ومحاولتهم لفهم ومعرفة المزيد عن الثقافة المختلفة، زادت من اعتزازي باعتزازي، وتركتني مع شعور بالافتخار والبهجة، وشعرت للحظة وكأنني مندوب أو ممثّل عن الأمة العربية كلها. ما أحسن هذا الشعور عندما تكون مفتخرا بذاتك بين المُختلفين! ما أحسن هذا الشعور عندما تشعر أنك المندوب عن الأمة العربية كلها وتُحسن عكس الصورة الواقعية دون خجل أو إخفاء!     

إنه الأنا المُختلف الذي يتواجد بين كثافة الأنا الأخرى والذي يقول أنا هنا موجود وأنا مُختلف وأفتخر باختلافي وأفتخر بأصلي وأفتخر بتاريخي وبعروبتي وبمن أنا، كما أنتم تفتخرون بأناكم وبتاريخكم ولربما أكثر بحاضركم. يمكن لهذا الاختلاف والاعتزاز والاعتداد أن يُساهم في تبادل الخبرات والثقافات وبالتالي يجعل الآخر منكشفا ومنفتحا على وجهة النظر الأخرى، فلا يعود الآخر مُبهما، غامضا، غير موجود وانما يصير مفهوما وموجودا! ان هذا التلاقي يُمكن أن يؤدّي الى التقريب بدلا من الإبعاد، اذا تحرّرت العقول من القوالب ومن الأفكار المُسبقة ومن الكراهية المزروعة، فإظهار الاستعداد لسماع وجهة نظر الآخر حتى النهاية والإنصات لها بكل شغف وحبّ مهما كان جنس صاحبها، أصله وفصله، يؤدّي بالنهاية الى البحث عن المشترك الإنساني (وما أكثره) والى حب الاستطلاع لفهم وربما تعلّم الأشياء المُختلفة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق