26.9.13

التمثيل ...


لا يُعجبني التمثيل على الناس في الحياة، لأن الإنسان بذلك يبتعد عن حقيقته وشخصيته الحقيقية، وبالتالي يُفني حياته من أجل ارضاء الآخرين، وليس من أجل تحقيق أهدافه التي يسمو اليها! فعندما أريد أن آكل يجب أن أراعي الآداب وهذا لا خلاف عليه، لكن لا ينبغي أن تكون هذه الآداب متكلّفة، كأن آكل من صحن أحمله بيديّ وأنا واقف لكي أحاور شخصا آخر، رغم أن ما يُريحني هو الأكل في حالة الجلوس، أو آكل بواسطة يداي مستغنيا عن الشوكة والسكين تماشيا مع التقاليد، رغم أن ما يريحني هو الأكل بمساعدة الشوكة والسكين! واذا قُدّم اليّ طعامٌ لا أحبّه، لا مشكلة من تركه والمصارحة بسبب تركه، واذا قُدّم اليّ مشروب مُسكر وأنا لا أشربه فلا ينبغي أن أتوجّس من رفضه، واذا قُدّمت اليّ القهوة وأنا لا أحبها فلا بأس من رفضها، واذا قُدّم نوع من طعام وتوصية الطبيب تمنعني من أكله فلا يجب التردّد في الرفض!

انه يجب علينا أن نعيش الحياة كما نريدها نحن وكما يريدها عقلنا وديننا وضميرنا وليس كما يريدها الآخرون! والأمثلة أعلاه في الأكل هي غيض من فيض، ففي كل حالة اجتماعية نُصادف التمثيل، وهي أمثلة محسوسة لتقريب الصورة. أما ان أردنا عرض أمثلة أكثر عمقا فيمكن الحديث عن تحوّل الزوج الى الصرامة مع زوجته أمام الناس رغم أنه يؤمن بالقيم التقدّمية في التعامل مع المرأة ولكن خوفا من غضب أقربائه، وتحوّل المتديّن الى الوداعة حتى حينما يلمس خطأ، وتحوّل المفكّر الذي تراوده الأسئلة الكثيرة الى مُسلّم ساكت في مجتمع يكبت التساؤل! ان هذا التمثيل سرعان ما ينكشف لأن فيه كبتا، وهذا ينسجم مع التقسيم الذي عرضه عالم النفس وينيكوت، عندما قسّم الأشخاص الى مجموعات تتفاوت صراحتها، بدءً بـ "الشخصية الحقيقية" وانتهاءً بـ "الشخصية المزيّفة"، فالشخصية الحقيقية هي الأفضل كما هو مفهوم، والشخصية المُزيّفة هي الأسوأ وبينهما يتواجد أغلب الناس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق