26.9.13

حصانة الذكر واتهام الأنثى!


الذكر يستطيع أن يسيد ويميد وأن يفعل ما يشاء فعين الرقيب لا تطاله عادة، ولو قال لصُدّقت أقواله، ولو علّل لقُبلت تعليلاته، فالحصانة التي يمنحها اياه المجتمع تنفي عنه التّهم وتُسقط عنه الشبهات، فهو ملاك طاهر في الغالب، وان حدث وأخطأ فينبغي التماس الأعذار له، فلربما الظروف لم تساعده ولربما لم ينم جيدا في تلك الليلة أو لم يكن مزاجه رائقا، أما الأنثى فأصابع الاتهام موجّهة اليها بطبيعة الحال كالصواريخ المتأهّبة لإعلان الحرب، وكأنّ الوضع الطبيعي يقول أن الأنثى في طبعها شيطانة أو شريرة وقد اعتبرت في سنوات غابرة أنها ليست انسانة للأسف، ونحن اذ نُصرّح أنها انسانة ننسى أحيانا أنها كذلك دون أن ننتبه، فإن أخطأ الذكر معها حمّلناها المسؤولية، وان أخطأت هي لعناها! لماذا؟ أليست هي الأخرى بشرا يصيب ويخطئ؟! أليست هي انسانة؟!

ان حصانة الذكر واتهام الأنثى هو كيل بمكيالين، فلمجرّد اختلاف الجنس، تختلف الأحكام والتوقّعات والفرضيات، فإن حدثت حالة اغتصاب مثلا، فستُلقى التهمة فورا على الأنثى، كأن يُقال: "هي التي سمحت له بذلك"، "هي التي أغرته"، "لبسها الفاضح هو السبب"، "مياعتها أدّت الى الجريمة"، في حين لا نسمع أقوالا مثل: "انه مجرم، مُغتصب، معتدٍ"، "انه شخص عنده هوس أو جنون أو اختلال عقلي"، "انه مُنحرف". ان هذا الاتهام المُباشر للأنثى الضحية في هذه الحالة، يعدل اغتصابها مرة أخرى، ولماذا؟ لأنها أنثى يجب أن تُغتصب مرتين؟ مرة على يد المُغتصب ومرة على يد المجتمع؟

ان هذا المجتمع الذكوري يجب أن يُعيد حساباته ليصير مجتمعا انسانيا، فنحن لا نريد مجتمعا ذكوريا يتساهل مع الذكور، ولا مجتمعا أنثويا يتساهل مع الإناث، فالكل خاضع لنفس المعايير الإنسانية والكل مُعرّض للخطأ، وبالتالي العقاب يسري على الجميع ولا أحد فوق القانون الإنساني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق