26.9.13

القنبلة الأخلاقية!


مما يُثير العجب هو اجتماع صورة المتديّن الذي يؤدّي الشعائر ويذرف العَبَرات في صلاته وصورة ذاك الشخص البعيد عن الأخلاقيات وعن الحسّ الإنساني، فترى أحد المصلّين قد جاء مهرولا الى صلاته، لكنّه أوقف سيارته في فناء بيت ليس له وضيّق على صاحب البيت، فلو حدث أمر ضروري لما استطاع صاحب البيت أن يُحرّك سيارته، ولئن سئلتَ ذاك المصلّي لماذا فعلت، لأجابك أن الصلاة فرض والكل ينبغي أن يكون في الصلاة في هذا الوقت! أو لقال لك: "كلها أكم دقيقة منصلي فيها لربنا، وبعدها منزيح السيارة اللي قاعدة على قلوبكم"! والجواب على التبرير الأول هو: يا أخي بالله عليك وسّع آفاقك، لا تجعل تفكيرك حبيس أنانيّتك، فهناك نساء في البيت وهناك أولاد وهناك رجال لم يلتحقوا بصلاة الجماعة لسبب لا يعنيك وهناك الذين لا يصلّون، فإن رأيت أن هذه الطريقة هي سبيلك في الدعوة الى الله، فهي أبخس الطرق على الأطلاق، لأن فيها تعدّيا على حرية الآخر وعلى أملاكه واكراها، وزيادة على ذلك تبجّحا في التبرير! وأما الرد على التبرير الثاني فأثناء خشوعك يا أيها الأخ، تحدث أمور طارئة، ولكي لا تخرج من خشوعك كُفّ أذاك عن الناس!

وترى المتديّن الذي يأتي اليك دون ميعاد، في حين يكون "الآيفون 5" في يده، ويكون رقمك الخاص معه، وترى المتديّن الذي يريد أن يُجبرك على فعل ما لم تقتنع به رغم أنفك فهو يعتبر ذلك من المسلّمات لضيق فكره، وترى المتديّن ثقيل الدمّ الذي يلتصق بك كما الذبابة، وترى المتديّن الذي يُسمعك نصائح سخيفة مثل: "اجعل قبضتك شديدة عند التسليم". وليس هذا الوصف بعيدا عن الواقع، وصحيح أنني ركّزت عدستي الوصفية على سلبيات المتدينين، إلا أن ذلك كان لأنّ هذه التصرّفات مُوجعة عندما تراها نابعة من هؤلاء الشرفاء، ومن ثم فلأنّ هذه الفئة هي التي تعنيني بالمقام الأول والتي أسأل الله أن أكون واحدا منها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق