19.5.14

البحث عن الأسئلة !


يعتقد كثير من الناس أنه كلّما حصدوا أكبر عدد من الأجوبة فهم في حال أفضل، وكأن الجواب يُعتبر مكسبا أو مَغنما! والناس يرون بالجواب باعثا على الاطمئنان والسكينة، اذ أنه يوضّح المسألة ويحلّ المشكلة المُثارة ويزيل الضباب الكثيف الذي يحيط بالسؤال. أما السؤال الذي لا يتبعه جواب فوري، فهو باعث على القلق والحيرة والتيه، وربما يؤدّي الى الكفر والإلحاد واللا أدرية في حالة اطلاق الأسئلة الدينية التي تدور في فلك الشبهات.

وكلمة سؤال هي مصدر للفعل سأل، ويمكن أن تأتي بمعنى طلب الصدقة، مما يصبغ كلمة سؤال بصبغة سلبية، وكأن السائل هو متسوّل أو شحّاذ يطرق باب العارف ليعلم الإجابة، ولذا يمكننا أن نجد تعبيرا في معجم اللغة العربية المعاصر مثل "ذُلّ السؤال" بمعنى ما يَجُرُّ إليه السؤال من مهانة. والناس تريد جوابا محيطا، كاملا متكاملا، كخارطة طريق، يرشدهم الى ماذا يفعلون، اذا حدث كذا، والى ماذا يفعلون، اذا حدث كذا، وما هو الردّ على هذه الشبهة وما هو الردّ على تلك.

إلا أن الباحثين عن الحقيقة والعلماء الحقيقين والمفكّرين والفلاسفة يبحثون عن السؤال قبل الجواب، وهم يفرحون أكثر كلما أثاروا تساؤلات أكثر، واذا مرّ عليهم يوم لم يُثيروا فيه تساؤلا، سخطوا على أنفسهم وأنّبوا ضميرهم، ذلك لخوفهم من خمود شوقهم للمعرفة. والسؤال في عُرفهم مَغنم، لأنه سيفضي الى بحث وتفكير واعمال للعقل وتطوير للفكر وتقدّم وارتقاء، وربما يُصادفون في طريق بحثهم عددا آخر من الأسئلة تدفعهم الى توزيع جهودهم في اتجاهات كثيرة. ان السؤال عندهم مفتاح للمعرفة، وكلما ثارت أسئلة أكثر، زاد شوقهم للمعرفة، مما يدفعهم الى التوغّل في ميادين المعرفة المُظلمة، كي يُنيروها للخلق من بعدهم، وبالتالي تزداد المعرفة وتتضاعف بلا توقّف. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق