19.5.14

السلم، لا الحرب


ان ما ينبغي أن يُرشد فكرنا وسلوكنا هو السلم وليس الحرب. السلم هو الاختيار البديهي، ذلك أنه سيعود بالمنفعة والخير على البشرية جمعاء. والانسان السويّ يأخذ بالحسبان ما يتعدّى عالمه الخاص، فهو يفكّر في غيره من بني البشر، يفكّر في الحيوانات، في النباتات، في الجمادات، في الكرة الأرضية كلها وفي الكون كله. ان أفقه واسع واهتماماته لا حصر لها، فهو يهتمّ بكل صغيرة وكبيرة. سلامه الداخلي (أو على الأقل سعيه الى السلام الداخلي) يُستنسخ الى الخارج، ليكون سلما على كل من صادف وعلى كل ما وقع في يده. انه سلم يدبّ على الأرض! النبات لا يدوسه، وان فعل خطأ أحس بالذنب! الماء لا يرشقه عبثا، الحيوان لا يتركه جائعا، الحائط لا يضربه لئلا يتّسخ والانسان لا يهينه!    

أما حين يصير تفكيرنا حبيس طائفتنا، حزبنا، ديننا، دولتنا، فإننا نعجز عن رؤية السلم كاختيارنا البديهي، إذ أن المصلحة الضيّقة تتفوّق في هذه الحالات على مصلحة الانسانية جمعاء. الحرب يمكن أن تجلب الغنائم للمصلحة الضيّقة، إلا أنها تعجز عن أن تُفيد مصلحة الانسانية. اذا فكّرنا تفكيرا طائفيا، فإننا نقسّم العالم – في نظرنا - الى طوائف لا نهاية لها، وعندها يمكن أن نستبيح كل من لا يتبع الى طائفتنا وكل ما لا يتبع الى طائفتنا. ان هذا التفكير يحصر النظر ويُضيّق الرؤية، ليتمّ اختيار الحرب التي بواسطتها تُستباح الأجساد والأرواح وبالتالي تُخدم المصلحة الطائفية. هذا العقل الحربي يتغاضى عن انسانية كل بني البشر الذين يودّ قتالهم، يتغاضى عن روح كل حيوان لا يعيش في حيّزه، ويتغاضى عن كل نبات وجماد لا يدخل في مساحة حكمه. هذا العقل الحربي يريد التسلّط، السيطرة، العنترة والعربدة، لكي ينال أفضليات عن عامة البشر، أما العقل السلمي فهو على العكس، إذ أنه يسعى الى أن تعيش الانسانية كلها بسلام وأمان، وبذلك يدفع الى المساواة بين جميع بني البشر.  

اننا نرى السلم الاختيار الطبيعي، وأن الحرب هي ناتج اجتماعي، لا ينبغي أن نلجأ اليها الا كآليه للدفاع عن النفس، بعد أن استُعملت الوسائل السلمية في مواجهة الخطر أو التهديد الموجّهة الينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق