19.5.14

موت الكبار !


الكبار في نظري هم من تركوا أثرا ايجابيا في هذا العالم قبل رحيلهم، هم من طبعوا بصمتهم عميقا في القلوب وعبر انتاجاتهم، وهم من يستحقّون أن يُذكروا على الدّوام لدوام أثرهم! عندما يموت واحد من هؤلاء، يهتزّ الكون كلّه حَزَنَا على انتهاء تأثيرهم المباشر، ولولا استمرار أثرهم لما جفّت العيون لصعوبة فراقهم. الا أن أثرهم الموجود يُبقيهم أحياءً رغم موتهم، فذكرهم حيّ وانتاجهم حيّ والأتباع ينهلون من الأثر الموجود رغم فقدان صاحب الأثر.  

انه ينبغي على كل انسان أن يسعى - في ما آته الله من مَلَكات - لأن يكون من الكبار، وسعيه هذا لا يُوجب عليه الوصول الى اللقب، وانما تكفيه المحاولة ويكفيه القصد. ان الانسان يحب بالعادة أن يدوم ذكره وأثره حتى من بعد موته، وليس هذا لدوام الذكر ذاته، وانما لدوام المنفعة التي تعود على البشرية من تأثير الأثر. كل انسان في مجال تخصّصه يمكنه أن يكون من الكبار، فالحدّاد يمكن أن يبدع في صنعته وأن يبتكر طرقا فنّية لتذليل الحديد ولصنع ما لا يخطر على البال من هذه المادة الخام، ويمكنه أن يوّرث هذا الفن لتلاميذ يأتون من بعده. والكاتب يمكن أن يورّث كتاباته للأجيال من بعده، والمفكّر والفيلسوف والعالم كذلك. والمدرّس يمكنه أن يورّث سحر شخصيته لتلاميذه، والمدير يمكنه أن يورّث سحر ادارته والقائد يمكنه أن يورّث سحر قيادته وهكذا.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق