19.5.14

هل نحن أمة مُنتجة؟


لطالما ادّعينا أن ثقافتنا هي ثقافة مُستهلِكة وأن انتاجها يكاد يكون شبه معدوم، بيد أن هذا الادعاء غير دقيق. فرغم أننا لم نبرع حتى الآن في منافسة الدول الصناعية في انتاج السلع والبضائع من مثل السيارات والماكينات والأجهزة الطبية، إلا أن عندنا انتاجا من نوع آخر لا يمكن انكاره. انه انتاج فكري يدمج ما بين الفلسفة والعلم والدين وانتاج روحاني يدمج ما بين الصوفيات والشعائر الدينية. هذا الإنتاج أرقى وأعلى شأنا وفقا لهرم ماسلو، إذ أنه يُعنى بحاجات انسانية غير محسوسة ولا ينحصر في الحاجات الفسيولوجية، وهو انتاج أرقى لأنه موجّه الى العقل والروح ولا يقتصر على الجسد والمادة.    

لقد أشبعنا العالم حديثا غير مؤسّس أن ثقافتنا ثقافة كسولة، متواكلة، مُستهلكة، تفكّر فقط في بطنها وفرجها، ذلك ليزيدوا ربما من تثبيط عزائمنا واشعال مشاعر النقص تجاه انتمائنا وتجاه ثقافتنا. الا أن الحقيقة مختلفة، فهناك عدد لا يُستهان به من المفكّرين الاسلاميين من أبناء عصرنا، وانتاجاتهم الفكرية من حيث الكمّ والكيف تفوق ما نتصوّره، ولكي لا نبقى في الإطار النظري، نضرب أمثلة لمفكّرين اسلاميين وانتاجاتهم:

1- المفكّر الجزائري مالك بن نبي، وله أكثر من عشرين مؤلّفا، من بينها: شروط النهضة، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، الظاهرة القرآنية وغيرها.

2- عبد الوهاب المسيري، وله أكثر من خمسين مؤلّفا، من بينها: قضية المرأة بين التحرير والتمركز حول الأنثى، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة وغيرها.

3- علي شريعتي، وله قرابة الأربعة عشر مؤلّفا، من بينها: النباهة والإستحمار، دين ضد الدين، بناء الذات الثورية وغيرها.

4- المفكّر التونسي أبو يعرب المرزوقي، وله قرابة الأربعة وعشرين مؤلّفا، من بينها: مفهوم السببية عند الغزالي، شروط نهضة العرب والمسلمين، فلسفة الدين وغيرها.

5- الشيخ والمفكّر المصري محمد الغزالي، وله أكثر من أربعين مؤلّفا، من بينها: جدد حياتك، خلق المسلم، السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث وغيرها.

ومفكّرون آخرون مثل: عباس محمود العقّاد، علي الوردي، محمد رشيد رضا، مصطفى محمود، ادوارد سعيد، راشد الغنوشي، زغلول النجار، محمد سليم العوّا، محمد عمارة، محمد عابد الجابري، يوسف القرضاوي، فهمي هويدي، عبد الكريم بكّار، علي عزت بيغوفيتش، روجيه جارودي، جلال أمين، عبد الحليم أبو شقة، مصطفى حجازي، سلمان العودة وغيرهم كثيرين.

أما فيما يتعلّق بالإنتاج الروحاني، فقد أبدع فيه المسلمون من قديم الزمان، وابداعهم هذا ما يزال ينبض بالحياة، وهو حيّ ومتفوّق في أوساط الغربيين قبل الشرقيين، فعلى سبيل المثال، كتب أبو حامد الغزالي وكتب ابن رشد تُدرّس اليوم في الغرب، وما عجز عنه أبناء الغرب من التفوّق والانتاج الروحاني يحاولون استعاضته وأحيانا انتحاله من ثقافتنا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق