6.5.14

طريقتي في الكتابة


أحببت أن أُفرد لهذا الموضوع مقالة، رغم أنني أكتب هنا عن ما أكتب، أكتب عن طريقتي في الكتابة. لذا، يمكن تصنيف هذه المقالة في خانة "الميتا\Meta"، فكما أنه هناك مصطلح يصف ادراك الإدراك أو التفكير في التفكير (Metacognition)، نطلق مصطلحا يصف كتابة الكتابة. بكل الأحوال، الكتابة التي اكتبها تنطلق في الغالب من الواقع، فعندما أرى ظاهرة تشدّ انتباهي، أحاول أن أصفها وأصف ما يرتبط بها بواسطة الكلمات، واذا ما أردت الانطلاق من مادة نظرية، فإني أسعى في الغالب الى ايجاد وتسطير نقاط التلاقي مع الواقع. هو الدمج ما بين النظرية والواقع اذاً والذي يعكس تركيبة الحياة. تبدأ الكتابة من عنوان صغير أو فكرة مركزية أسطّرها، لكي تُلهمني الخطوط العريضة لما أودّ الكتابة عنه. أثناء الكتابة أستعين بتوارد الأفكار (Free association)، وبتلاقحها مع عالم النظرية الذي اكتسبته من خلال دراستي الأكاديمية والقراءات المختلفة، اضافة الى الخبرة الحياتية التي تمدّ بالنظرة الواقعية الى الحياة.

وعندما تخرج الكلمات من الداخل الى الخارج، من الجوف - الذي يحوي القلب والعقل - الى الخارج عن طريق ملف "وورد"، أترك الناتج لفترة من الزمن حتى يختمر. ان الأمر يقرب الى العجين، فعندما يتم تحضير العجين، ينبغي تركه لفترة من الزمن حتى يختمر، ومن ثم المباشرة في تحضير المنتج النهائي منه. كذلك الكتابة، فعندما تنتظم الكلمات في مسودة أوليّة، تحتاج الى فترة طالت أو قصرت من الزمن، حتى يسهل تنقيحها واعادة النظر في أفكارها. الا أن الكتابة تختلف اختلافا جوهريا عن العجين، ذلك كوننا ننتظر تغيّرا كامنا في العجين (أن يختمر لوحده)، ولكننا نحن من سيساهم في دفع عجلات اعادة النظر، التنقيح، التعديل والتغيير في حال الكتابة. بعد الانتهاء من الكتابة الأولية، تظلّ في الغالب حبيس أفكارك الأولية، ويصعب عندها ايجاد نقاط الضعف، الثغرات، ويصعب نقد المكتوب، أما حين تأخذ فاصلا زمنيا وتعود الى نفس الكتابة فستشعر باختلاف النظرة وذلك سيساعدك على القاء نظرة فوقية أكثر، بحيث أنك لا تبقى حبيس أفكارك الأولية. ان الأمر أشبه بالنظر الى نفس المنتج وبواسطة نفس العيون ولكن من زاوية رؤية مختلفة. لذا، فإنني في الغالب لا أنشر الكتابات التي أكتبها فور الفراغ من كتابتها، وانما أتركها جانبا وأبدأ بكتابة غيرها، لأعود اليها بعد فترة زمنية طالت أو قصرت فأقرئها من جديد بعيون فاحصة متفحّصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق