6.5.14

الفُرقة التافهة


أحيانا أفكّر في فُرقتنا نحن العرب، في تشتتنا، في تكفيرنا لبعض، في تخويننا لبعض، في إلغائنا لإنسانية بعضنا البعض، في تكبّرنا على بعض، في سفكنا لدماء بعضنا البعض، وأستغرب من مدى تفاهة فُرقتنا، من مدى تفاهة اقتتالنا! لا نعرف كيف نتفق ولا نعرف كيف نختلف؟! ما هذا؟! ما بالنا لا نختلف على شيء يستحق الاختلاف؟! ما بالنا لا نراعي أدبا واحدا من آداب الاختلاف؟! هل كل اختلاف هو خلاف؟!
ان الناظر الى حال أمتنا العربية، يكتشف تفاهة فُرقتنا، فنحن نعيش في ظلّ نفس الظروف الصعبة من استعمار واستغلال ونهب لثروات البلاد (رغد العيش لدى بعض الدول والأفراد هو غطاء آني، آن لصاحبه أن يعيَ ما وراءه)، نتكلّم نفس اللغة، نتشاطر نفس التاريخ، نطمح لحياة كريمة. أي أن ماضينا مشترك، حاضرنا مشترك ومستقبلنا كذلك، فلماذا نفترق اذا؟! 

واذا نظرنا الى حال العرب في الداخل الفلسطيني لوجدنا نفس الصورة وربما أسوأ، فذلك الحزب الشيوعي وتلك الحركة الاسلامية الشمالية وتلك الجنوبية. هؤلاء يريدون الدخول في الكنيست الاسرائيلي وأولئك يرفضون ويتهمّون الأوّلين بالخيانة والعمالة في بعض الأحيان. والكل يرفض الكل، والمزايدات على الوطنية وتوزيع شهادات حُسن السلوك وتوزيع الاتهامات العشوائية على المختلفين (الذين هم مخالفين أيضا في نظرنا). والسؤال لماذا؟! ألسنا نملك تاريخا مشتركا؟! أليست النكبة والنكسة (وغيرها من الأحداث والرموز الوطنية) مشتركة لجميعنا؟! ألم نتعرّض لنفس التهجير ولنفس الاغتصاب؟! ألا نتكلّم نفس اللغة؟! ألا نملك نفس القيم والعادات والتقاليد؟! ألا نملك نفس الثقافة؟! ألسنا نطالب بنفس الحقوق؟! ألسنا نواجه نفس المحتلّ؟! أليس كلنا يريد الحفاظ على المقدّسات (الاسلامية والمسيحية وغيرها)؟ أليس أغلبنا يحامي عن المسجد الأقصى كما عن كنيسة القيامة؟! ولو تصوّرنا أن أحد الغربيين سئلنا ما سبب فُرقتكم، لتلعثمنا ولصرنا نُدلي بحجج لا ترقى الى مستوى الإقناع! وهو بدوره سيصعّب علينا ويقول: "فرضا لو أن دخول الكنيست هي نقطة جوهرية، هل هذا سبب يدعو الى الفُرقة؟ الاختلاف يعطي فرصة للنقاش، لتلاقح الأفكار وليس للخلاف". "هل انتماءاتكم الدينية المختلفة ستُعكّر صفو جمعكم؟! لماذا لا تنظرون الى المشترك الذي بينكم؟! فبالنهاية لو اخترت أن تبحث عن الفروق فستجد فروقا بين أخويْن وبين توأمين وفي الشخص نفسه (تغيّر المواقف بمرور الزمان)". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق