15.6.14

قل لمن يدّعي في علم النفس فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء – الحلقة الثالثة


جين الألوهية The God Gene

يخبرنا دين هامر Dean Hamer (رئيس وحدة أبحاث الجينات بالمعهد القومي للسرطان بالولايات المتحدة) أن الإنسان يرث مجموعة من الجينات التي تجعله مستعدا لتقبّل مفاهيم الألوهية والدين God Gene Hypothesis.

وقد خرج هامر بهذا المفهوم بناء على الأبحاث التي أجراها على جينات السلوك، وعلى دراسات بيولوجيا الأعصاب وعلم النفس. ونشر نتيجة هذه الأبحاث في كتابه The God Gene: How faith is Hardwired in our genes، عام 2004.

وكما تتوقّع، واجه كتاب دين هامر "جين الألوهية" معارضات من بعض الأوساط العلمية. وربما يرجع ذلك إلى اسم الكتاب الذي استفزّ الماديين، بالرغم من أن ما يطرحه من مفاهيم علمية ليس بجديد!

فقبل كتاب دين هامر بعشرين سنة، طرح كلود كلوننجر Claud R. Cloninger (أستاذ علم النفس والطب النفسي وعلوم الوراثة بجامعة واشنطن) "نظرية المزاجات والأخلاق الوراثية" والتي صارت من المفاهيم الثابتة في الأوساط العلمية.

في هذه النظرية، طرح كلوننجر ثلاث مجموعات من الأخلاق الوراثية (تمهد جيناتنا للتخلق بها) التي تحدد ميول البشر الإنسانية والأخلاقية والروحية. وهذه المجموعات هي:

1) مصداقية الذات Self-Directedness: وتشمل وضوح الأهداف Purposefulness، وكَوْن الإنسان أهلا للثقة Reliable (وهي صفات خاصة بشخصية الإنسان).

2) التعاون Cooperativeness: وتشمل استعداد الإنسان لمساعدة الآخرين Helpful، وتحمّلهم Tolerant والعزوف عن الإنتقام Non-Revengeful (وهي صفات تحكم تعامل الإنسان مع الآخرين).

3- تجاوز الذات (السمو النفسي) Self-Transcendence ويشمل الميول الروحية Spiritualness والإبداع Creativity وإنكار الذات Self-forgetfulness والبعد عن المادية Non-Materialism (وهي صفات خاصة بالمفاهيم العلوية).

وتقوم جينات معينة (في الجنين وفي مرحلة الطفولة) بتكوين الدوائر العصبية المسؤولة عن هذه الصفات في المراكز الخاصة بالتعلم وبالمفاهيم المُسبقة في القشرة المخية الحديثة Neocortex، التي يتميز بها الإنسان عن باقي الثديات.

وإذا تأمّلنا هذه المجموعات الثلاث من الأخلاق، وجدنا أنها تمثل الأساس النفسي لفطرة التدين وفطرة المنظومة الأخلاقية في الإنسان. ثم تقوم التربية بتنمية هذه التوجهات.

ويؤمن د. كلوننجر أنه ينبغي أن ننظر إلى الإنسان كوجود متكامل (جسم-عقل-نفس-روح). وينبغي عند دراسة الشخصية معرفة حدود كل من هذه المكونات الأربعة، وتحديد العلاقة بينها.

كما يؤمن أن الإنسان يستطيع أن يصير أفضل عقليا وروحيا بالتدريبات العقلية والروحية، كالتفكّر والتأمل والصلاة ومجاهدة النفس، تماما كما يبني جسمه بالتمرينات الرياضية. 

المصدر: نقلا عن كتاب رحلة عقل للدكتور عمرو شريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق