15.6.14

صلاة الفجر


إن هذه الصلاة مميزة جدا بكل معاني الكلمة، ففيها البركة والخشوع التام والسكينة والسعادة الحقيقة، وهي التي تمنح الثقة بالنفس وهي التي تجعل النفس مطمئنة وهي تنشط الجسم وتجعله يقظا كل اليوم. من فاتته ساء يومه وثقلت عليه همومه ومهما جدّ وكدّ واجتهد فلن يكفيه ولن يشعر بالرضا، لأنه يبقى يحسّ أنه فقد نور يومه وبركته اللذين يجدهما فقط في صلاة الصبح وقت الفجر. وأنا أشدّد على وقت الفجر لأن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، فمن السهل على كل إنسان أن يؤدي فريضة الصبح عند استيقاظه من النوم، ولكن الإسلام وضع ضابطا وقت الفجر لكي نجاهد أنفسنا وننهض من دفء الفراش في ساعة يلذ بها النوم وتسكن فيها الضوضاء.

إلا أننا يجب أن نفهم كل الفهم أن الله جل في علاه في وضعه لهذه الصلاة الثقيلة على المنافقين والغافلين عن ذكر الله فإن ذلك ليس عقابا لنا وإنما لمصلحتنا، ففيها الخير الكثير الكثير ونفعها عظيم وجليل أدركه من أدركه وغاب عن ذهنه من غاب عن ذهنه. وأنا هنا لن أذكر منافع وفضائل صلاة الصبح ولكني أنصحك أخي الكريم أن تقارن بين يومين أحدهما أدّيت فيه صلاة الصبح وبين يوم فاتتك هذه الصلاة فستجد حتما أن يومك الأول ميسر وأن الآخر وإن بان في ظاهره لامعا فهو لم يأت لك بنفع كان.

تذكّر أخي الكريم قول المؤذن وهو يصرخ بأعلى صوت "الصلاة خير من النوم" وأنت نائم! إذا هذا يدل على أنك لم تتبع ميزان الخيرية واستبدلت الأمر الأسمى والأنفع بالأمر الأدنى! ألا تستحي من الله أن تقابله في صلاة الظهر وأنت لم تطرق بابه في صلاة الفجر (التي هي مفتاح اليوم) أو أن تقابله في صلاة الصبح في غير وقتها؟!

إن أمر الله واضح – في هذه المسألة - ولا يحتمل التفسير أو التأويل فإن كنت جادا فعليك أن تدخل بالسلم كافة، اذ لا يجوز أن تنتقى من الإسلام ما طاب لك وما وافق مزاجك وبالك! أم تريد أن تكون ممن أخزاهم الله في الحياة الدنيا وردوا إلى أشد العذاب يوم القيامة ذلك بأنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض؟! إن من سلك طريقا يجب أن يلمّ بكل جوانبه التي لا مناص منها، فأنت عندما تقرر أن تكون مسلما فأنت بدون جدال ولا أدنى تفكير يجب أن تحافظ على فرائض المسلم التي بدونها أنت معرض للخروج من دائرة الإسلام.

وما أشقى وأتعس من تعب تعبا جزئيا في الدنيا بسبب تقصيره المتواصل، فلم يهنئ بالدنيا ويوم القيامة كذلك لا يجد ما يسر باله وما كانت تتوق إليه نفسه ألا وهو الجنة بل هو في نار قد خسر الآخرة أيضا! إن في النهوض لصلاة الصبح مجاهدة للنفس ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل من عجز عن مجاهدة نفسه في النهوض من الفراش لنصف ساعة ثم العودة اليه قادر على أن يجاهد بنفسه وماله وعرضه في سبيل إعلاء كلمة الدين في ساحة الوغى حين تقوم الحرب؟! هل من عجز عن عبادة الله في رخاء عيشه قادر على عبادته والمجاهدة في سبيله في زمن الشدة؟!

كُتب منذ زمن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق