22.11.13

بنات الجامعة!


عندما نريد أن نتحدّث عن "بنات الجامعة" يظن البعض أننا سنتكلّم عن بنات الليل، في حين أن المعنيَيْن بعيدان عن بعضهما بعد المشرق عن المغرب، فالجامعة هي صرح العلم الذي فيه ينهل الطالب من شتّى العلوم، والجامعة تُسمّى حرما احتراما وتجليلا للعلم ولطلاب العلم وللعلماء الذين يجتمعون في مكان واحد، فحرم الجامعة يعني "ما لا يحل انتهاكه" (من معجم الرائد)، فإن كانت الجامعة حرما وان كانت بهذا الرُقي، فإنه من الأولى أن يكون أبناؤها شباب وشابات كذلك.

لكن الذي حدث أن كثيرا من أبناء الجامعة تركوا الغاية التي جاؤوا من أجلها وراء ظهورهم، وراحوا يستغلّون تلك الفترة للعشق وللغرام وللانتقال من صاحبة الى أخرى، وقد نسوا أن أهلهم قد عهدوا اليهم أن يطلبوا العلم وربما نسوا أيضا أن أهلهم أنفقوا عليهم من أموالهم فأنكروا جميل أهلهم وأهدوهم الذلّ والعار، فمن هنا ارتبطت الأجواء الجامعية في فكرنا بالانحلال وصارت الجامعة في نظرنا أشبه بملتقيات العُشّاق، وكما هو الحال في أغلب مجالات الحياة، فـ "الصالح يذهب بعروى الطالح"، لتصير طالبة الجامعة مشكوك في أمرها، أما طالب الجامعة فإنه في أسوأ الأحوال ينال توبيخا أو نظرة احتقار.  

وصحيح أن الأجواء الجامعية تُعطي نوعا من الحرية وبالتالي تفرض المسؤولية على الطالب الجامعي، ولكننا نتوقّع من النبتة التي رُبّيت جيدا أن تُزهر وتثمر، بمعنى أن الشاب والشابة اللذين نشئا في بيئة صالحة ورُبّيا أحسن تربية، فإننا نتوقع أن يبقيا كذلك ويصيرا أحسن ان وُفّرت لهما البيئة المناسبة، فالكل مُعرّض للإنزلاق الى الهاوية ان ابتعد عن بيئته الطبيعية الحسنة، فالقرآن سطّرها قائلا: "كلا إنّ الإنسان ليَطغَى"!

أما فيما يتعلّق بالتمييز الذي يُمارس في مجتمعنا عند التعامل مع الطالبة والطالب الجامعي فهو متّصل بالتمييز المرفوض الذي يبرز عند التعامل مع الذكر والأنثى، فالطالب الجامعي غير خاضع للمراقبة وهو يملك نوعا من الحصانة وهو يسيد ويميد وفقا لرغبته دونما التفات لأمره، وان أخطأ فإن مجتمعنا سرعان ما يغفر له خطؤه، أما الأنثى فهي منكوبة من مجتمعها، وتُنتكب من مجتمعها ان لاحقها في كل خطوة تخطوها وأعطاها ذاك الإحساس أنها مشكوك في أمرها، فالطالبة الجامعية خاضعة للمراقبة وخاضعة للمسائلة وان كانت عفيفة طاهرة، أما ان أخطأت فخطؤها يصعب غفرانه، وهو مُستهجَن عشرات المرات أكثر من خطأ الذكر، ولذلك حُرمت أناث كُثُر من طلب العلم وحُرمن من الحرية وحُرمن من اختيار الموضوع الذي يرغبن ومكان التعليم الذي يرغبن، ونسيَ الأهل أن التربية الحسنه ان وُجدت والبيئة المناسبة ان وُجدت كفيلان بحفظ الذكر والأنثى على حدّ سواء !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق