22.11.13

القبول رغم الاختلاف!


لمّا كان كل انسان مسؤولا عن نفسه وعن اختياراته، أي مُخيّرا بهذا المعنى، وجب على الفرد احترام الاختيارات التي اختارها الآخر وان كانت مُناقضة لاختيارات الفرد الشخصية! ولنأخذ مثالا لتقريب الصورة: شاب متديّن ملتحٍ يلبس عباية بيضاء والسواك في يده والقرآن الصغير في جيب عبايته العلوية، وفي طريقه الى عمله رأى فتاة في العشرينيات من عمرها تلبس قميصا يكشف القسم العلوي من الصدر والظهر وبنطالا قصيرا يعلو الركبة بحوالي ثلاثين سنتيمترا. هو رآها وهي رأته! هو فكّر بها وهي فكّرت به! هو قال في نفسه: "ملعونة! هي حطب جهنم وبئس المصير، لا حول ولا قوة الا بالله، انها علامات آخر الزمان!"، هي قالت في نفسها: "ما هذا الشبح الذي أمامي؟! متى سيتحضّر هؤلاء الرجعيون؟! كل العالم يلبس وفقا "للستايل" الا هؤلاء المتخلّفون!".

اذا فكّرنا في القولين المكتومين لوجدنا فيهما كراهية متبادلة، رفض متبادل، والغاء للإنسانية بشكل متبادل، هي تعتقد أنه ارهابي ومتخلّف ولذا ينبغي الحذر منه ولربما الابتعاد عنه قدر الإمكان، وهو يعتقد أنها فاسقة ضالّة وأن مصيرها الى النار، ولذا لا جدوى منها وينبغي نبذها ورميها بعيدا عن أعين النساء والرجال، مما ينتج بُعدا شاسعا بين الاثنين، وكراهية تُفضي الى الغاء الانسانية! في حين أن الشاب قد نسي أن اللباس هو جزء من حياة الشخص، ولربما تكون مثل تلك الفتاة محبّة للخير، مُساعدة للضعيف، انسانة راقية في تعاملها مع الآخرين، ولربما ستغيّر طريقة لبسها في المستقبل ولربما ستهتدي الى طريق الالتزام، والشابة نسيت أن هذا الشاب الذي يُصوّر لها أنه ارهابي ومُتخلّف لربما يحمل علما عظيما من علوم الدنيا ومن علوم الدين، فهو محاسب وامام مسجد، وهو متفوّق في عمله وعبادته، والناس يذكرونه بكل خير من خلال تعاملهم معه!

أي أن المظاهر لا يجب أن تجرّنا الى الحكم على الجواهر (هذا لا يعني أن المظاهر غير مهمة)، وينبغي أن نحذر من الأفكار المُسبقة، وبكل الأحوال فلا يجوز لنا أن نُسقط انسانية انسان لاختلافنا معه بطريقة اللبس أو بأمور أخرى، فلا يصحّ أن نكرهه ولا أن نحتقره ولا أن نبصق عليه وانما يجب أن نحبّه وأن نتمنى له الخير وأن نمسح دمعته ان بكى وأن نساعده ان وقع في ورطة، فكما قلنا في البداية كل فرد مسؤول عن اختياراته ولا يجوز لنا أن نفرض على الآخر اختياراتنا نحن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق