22.2.14

الغربة اللحظية !


طالما أنتَ بالجوار، يبقى خبز أمك كخبز الجارة ويبقى كباقي أنواع الخبز، أما حين تبتعد، يبدأ المفعول النفسي يؤتي أُكُله ليستنطقك فتقول: أحنّ الى خبز أمي! أحنّ الى رزّ أمي! أحنّ الى ملوخية أمي! طالما أنت في بيئتك، حبّك للغتك يكون كحبّك للوردة الحمراء وللحقول الخضراء التي لا بدّ أن تضمّ الخبيزة في خَضَارها، أما حين تكون هناك، حيث البُعد والغربة اللحظية، يشتعل موقد الحنان داخلك، ويفيض الحبّ من داخلك ليُثبت وجوده في بيئة لا يعرفها ولا تعرفه، فيصير حبّ العربية النظّارة التي تشاهد من خلالها، وتراثك يمثل أمام عينك، دون أن يتزحزح! هل هذا فصام؟! لا، انه هيام! هيام لا يصحو الا عندما نفتقد ما اعتدنا عليه، ولو كان الفقدان لوقت محدود، ولكنه سيصحو في الغالب، لأننا نشتاق الى المفقود!

أثناء تجوالك في شوارع تل أبيب، يتولّد ذاك الإحساس البارز، ليدفعك للبحث عن ثقافتك فلا تكاد تجدها، وان وجدتها فإنها غالبا ما تُعرض وكأنّها مغلوبة، مُستضعفة، فقيرة ومتخلّفة! تنظر من حولك باحثا وتتساءل: أين حروف العربية التي لا تُفارق بعضها فتراها ملتصقة لتُعبّر عن ما في داخلها؟! أين كلام العرب الفصيح والبلاغة التي اشتقنا اليها؟! أين راديو العرب وأين موسيقى العرب؟! أين صحائف العرب وأين كتب العرب وأين مقالات العرب؟! أين علماء العرب وأين مفكّري العرب؟! أين لباس العرب وأين جمال العرب؟! أين العرب؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق