5.8.14

لا أخلاقية ؟!


التشدّد والنظرة المنغلقة يمكن أن يصلان بالإنسان الى أن يكتب كتابا، مثل، إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبدالله القرضاوي، حيث يقول الكاتب (رحمه الله وغفر له) فيه: "سيقول بعض الحزبيين عالم من العلماء وسميته: كلبا عاوي! أما هذه فكبيرة يا أبا عبد الرحمن، عالم من العلماء! ومفتي قطر!"، ويقول لاحقا: "كفرت يا قرضاوي أو قاربت" و "وأنا أظن أن الشيطان تفرغ ليوسف القرضاوي؛ يلقي في قلبه هذه الوساوس، ويأتيك بالأخبار من لم تزود، وستأتي أشياء عن القرضاوي وأشياء وأشياء". ولنفرض أن القرضاوي أخطأ في مسائل عدّة، وأنكم تختلفون معه في كثير من أقواله، فهل يصحّ أن تُسمّونه كلبا عاويا؟! هل يصحّ أن تُكفّرونه؟! ان لكم اجتهادات وله اجتهادات، فهل من المنطق أن نسعى الى تطابق الاجتهادات؟! ان هناك أدبا للاختلاف وهناك آداب عامة وأخلاق، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

هل حافظ على الأخلاق من وصف عالما جليلا بالكلب العاوي؟! هل حافظ على الأدب؟! ألا تقولون أن "لحوم العلماء مسمومة"؟! أليس لحم القرضاوي مسموما أيضا أم أنكم أسقطتم عالميته لاختلافكم معه؟! أم أنكم أنتم من يملكون الحقّ المطلق ومن خالفكم فهم حطب جهنم، وحقّ عليكم أن ترموهم بالمسبّات واللعنات ورخيص القول؟! ان النفس لتكفهرّ من هذه الألفاظ، فما بالك ان كانت موجّه الى شخص أفنى حياته في سبيل تيسير العلم الشرعي للناس؟! انكم تتعرّضون بذلك الى أغلى ما يملك، الى مادة فكرية يمكن أن تساهم في صحوة الأمة، الى انتاج عظيم، الى بناء ضخم! وما يحزّ في النفس أنها صادرة عن عالم آخر، وكأن المسألة صارت ملحمة علماء، ملحمة رخيصة، لا تقارع الحجّة بالحجّة والدليل بالدليل وانما المسبّة بالمسبّة والشتيمة بالشتيمة! ان مثل ما قال هذا العالم كمثل الذي يُطلق النار في كل اتجاه، ليُصيب ما بناه الناس، وليحطّم أبنيتهم، ايمانا منه بأنه يملك هو ومن معه الحقيقة المطلقة وفقط هم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق