5.8.14

حاصدوا اللايكات


حدث معي أن دَخَلَت الى صفحتي الشخصية على الفيسبوك مُعالجَة، والتي كنتُ قد جلستُ معها جلسات نفسية، وفي عرف الأخصائيين النفسيين الكلاسيكيين، فإن كل اتصال خارج غرفة العلاج يمكن أن يقلّل من نجاعة العلاج، اذ تدخل أمور أخرى من شأنها أن تُوهن علاقة المُعالِج-مُعالَج. هذا الحدث دفعني الى اعادة النظر في حيّزي الفيسبوكي والذي لم يكن حيّزا شخصيا الى ذلك الحين، وأثار فيّ أفكارا حول الخصوصية. ما هي الخصوصية؟! وهل ينبغي أن نحافظ على الخصوصية في العالم الافتراضي؟! وكيف يمكن التوفيق بين الإفادة (إفادة المجتمع) وبين المحافظة على الذات (الخصوصية)؟!

يمكن تشبيه الصفحة الشخصية في الفيسبوك (المقصود البروفايل) بالمنزل الذي يقطنه الفرد، فكما أن هناك ذكريات في الفيسبوك، هناك ذكريات داخل المنزل، وكما أن هناك أمور لا ينشرها الفرد على الملأ عن طريق الفيسبوك، فكذا هناك خصوصية داخل المنزل لا يطّلع عليها إلا أصحاب المنزل. وسألت نفسي: هل ندخل الى بيوتنا من نعرف ومن لا نعرف؟! أم أننا نقتصر على من نعرف؟! هل نحبّ أن يطّلع الجميع على حياتنا الشخصية؟! أم أننا ننتقي من نقرّبه منا ونختار درجة القرب؟! ذلك أن في البيت كما في الفيسبوك، خصوصية معينة وأمور شخصية، لا نحبّ أن تصير مُلكا عاما، إذ أنه عندها تفقد خصوصيتها، ولربما نشعر أننا مكشوفون أكثر من اللازم أمام الناس، مما يهدّد شعورنا بالأمن والاطمئنان. في أعقاب هذا المنحى من التفكير، قرّرت أن أقوم بإلغاء الأصدقاء الذين لا أعرف وأبقيت على من أعرف وعلى من استلطفت وجودهم عندي، كما قمت بالزيادة من خصوصية الفيسبوك، لتكون صفحتي محظورة عند غير الأصدقاء. في أعقاب ذلك، قلّ عدد اللايكات ولكن زادت الخصوصية وأخذت أفكّر في حال من يُشرّعون صفحتهم الشخصية أمام القاصي والداني، أمام المعروف وغير المعروف، طمعا في لايكات أكثر، أين هي خصوصيتهم؟! هل نسوها؟! وتوصّلت الى الاستنتاج انه ينبغي على الفرد أن يرسم حدود خصوصيته ليحافظ على فرديته! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق