28.6.14

شاهدني ودعك من أين أتيت!


كثيرا ما ردّدنا بيت الشعر: "لا تقل أصلي وفصلي يا فتى، إنما أصل الفتى ما قد حصل"، الذي يتوجّه الى المتكلّم، وغفلنا عن الطرف الثاني في العلاقة الإنسانية وهو المستمع، إذ كان من الأحرى تسطير بيت شعر للطرف الثاني من مثل: لا تنظر الى أصلي وفصلي يا فتى، إنما أصل الفتى ما قد حصل! فكما نطلب من المتكلّم أن يدع أصله وفصله، وأن يُحدّثنا عن مجموعه (ماضيه، حاضره وطموحاته)، نطلب كذلك من المستمع أن ينظر الى المتكلّم، تاركا كل الخلفيات وكل الآراء المُسبقة وكل القوالب التي من شأنها أن تُصنّف بصورة مُستعجلة قبل أن تتم مشاهدة كيان الشخص، انفراده، شخصيته المميّزة! ان هذه المعلومات المُسبقة يمكنها أن تعمي، أن تصمّ الآذان قبل مشاهدة الكيان الإنساني، لأن تأثيرها قوي وغالبا ما تتسرّب الى اللا واعي وأحيانا الى الواعي لتؤثّر على حكمنا على الأشخاص! لذا، لكي نتمكّن من الدخول صافيين الذهن، مُنصتين، مُشاهدين للإنسان الذي أمامنا، فإنه يجدر بنا أن نسمع منه أولا، أن نراه بثّا حيّا ومباشرا، دونما واسطات، حتى اذا أخذنا عنه صورة أولية، يمكننا وقتها النظر في ما يُقال عنه (مع الحذر من التلفيقات والتحريضات المبنية على أهواء شخصية). باختصار، اسمع مني قبل أن تسمع عني!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق